تحليل: لماذا على بيريز أن يُصبح "سائق سبت" آخر

قدّم المكسيكي أداء مدهشًا وأدار إطاراته بشكلٍ لافت في المراحل الأولى ليبقى على الحلبة لفترة طويلة ويستغلّ أفضليّة وتيرته ليتجاوز ثلاث سيارات عند وقفة صيانته.

لكنّ ذلك طرح سؤالًا كذلك حول ما كان بوسعه فعله لو تأهّل قريبًا من زميله ماكس فيرشتابن. لخّص كريستيان هورنر مدير فريق ريد بُل كلّ شيء بعد السباق، فبعد أن هنّأ الفائز فيرشتابن، انتقل البريطاني إلى قناة بيريز على اللاسلكي لتقديم بعض التشجيعات له.

وقال هورنر: "عملٌ جيّد، كانت تلك قيادة جيّدة للتعافي. وتيرة رائعة في السباق، ولم يكن بوسعكم فعل أكثر من ذلك. عملٌ جيّد".

وردّ بيريز بالقول: "تهاني للفريق لما قام به ماكس، عملٌ رائعٌ يا شباب. لنواصل على هذا النحو".

وقال له هورنر حينها: "سيحين دورك يا سيرجيو، لا تقلق. واصل ما تقوم به، سنصل إلى ذلك المستوى أيّام السبت".

تبقى التصفيات نقطة صعف بيريز في 2021 في ظلّ مواصلته التأقلم مع سيارة "آر.بي16بي". أشار مركزه الثاني على شبكة انطلاق سباق إيمولا إلى تحقيقه لتقدّم مبكّر، لكنّه عاد للمعاناة منذ ذلك الحين".

بدا أداؤه واعدًا في موناكو عندما عبر إلى القسم الثاني خامسًا، لكنّ أداءه تقهقر في القسم الثالث الحاسم.

وقال المكسيكي: "كان ذلك كارثة. كنّا نُحقّق تقدّمًا جيّدًا طوال التصفيات، وحقّقنا خطوة جيّدة في القسم الثاني. لكنّ المسار بدأ يبرد وغيّرنا مقاربتنا للقسم الثالث ولم تكن مقدّمة السيارة جيّدة في الطلعة الأولى".

وأضاف: "كانت الإطارات باردة جدًا ومن ثمّ كانت المحاولة الثانية تسير على نحوٍ جيّد إلى أن واجهت الكثير من الزحام, خسرت الكثير من الوقت حينها".

وأكمل: "كنت لأحسّن أفضل أزمنتي من القسم الثاني بعُشرين من الثانية. لذا كنت لأتواجد ربّما في المركز السادس، ليس أفضل بكثير لكن هكذا جرت الأمور".

عوضًا عن ذلك وجد بيريز نفسه تاسعًا بفارق 0.997 ثانية عن زمن زميله.

ومع عدم قدرة شارل لوكلير على الانطلاق يوم الأحد فقد كسب بيريز مركزًا مجانيًا وحافظ المكسيكي على صبره طوال المرحلة الأولى في المركز الثاني مفكّرًا على المدى البعيد.

سيرجيو بيريز، ريد بُل ريسينغ

تصوير: إريك جينيوس

علم الفريق أنّ هناك سبيلًا وحيدًا لتحقيق التقدّم وهو تقديم بعض اللفّات السريعة حال توقّف الآخرين، ولفعل ذلك فقد تعيّن على بيريز الحفاظ على إطاراته بالطريقة التي يُشتهر بها.

وبعد أن بقي خلف سيباستيان فيتيل طوال الفترة الأولى، ترك المكسيكي مساحة مقبولة بينهما كي لا تتأثّر إطاراته، حيث قال له مهندسه عبر اللاسلكي: "تبدو الإطارات جيّدة في هذه المرحلة، أبق عليها في حالة جيّدة إلى حين نستحقّها".

كان لويس هاميلتون صاحب المركز السادس أوّل المتوقّفين في اللفّة الـ 29، وتبعه بيير غاسلي في اللفّة الـ 30 ومن ثمّ فيتيل في الـ 31. تلقّى بيريز حينها الرسالة التالية: "حسنًا أمامك هواء نقي، لنستمتع بهذا".

كان حينها على إطارات "سوفت" قديمة في مواجهة السائقين المنتقلين إلى "هارد". قدّم لفّة مدهشة بزمن 1:14.552 دقيقة (الأسرع على الإطلاق في تلك المرحلة) ومن ثمّ أتبعها بـ 1:14.670 دقيقة. كان أسرع بحوالي ثانيتين حينها من وتيرة اللذين كانوا أمامه قبل ذلك بوقتٍ قصير.

وعندما سأل مهندسه: "كيف الوضع؟" فقد أجابه: "الوتيرة جيّدة، كسبت ثلاثة أجزاء على حساب سيباستيان في المقطع الأوّل وخمسًا في الثاني".

استدعت ريد بُل فيرشتابن في اللفّة الـ 33، وهي حركة جاءت لتضمن ابتعاد الهولندي عن طريق فيرشتابن الذي احتاج لتقديم تلك اللفّات السريعة المتتالية. عاد ماكس خلف بيريز مباشرة.

وسأل بيرد مهندس بيريز حينها: "كيف حال الإطارات؟" فأجاب المكسيكي: "بدأت أفقد الإطار الخلفيّ الأيسر قليلًا".

مثّل ذلك الدافع وراء توقّفه. استُدعي في نهاية اللفّة الـ 34 وعاد من خطّ الحظائر أمام سيارة أستون مارتن الخاصة بفيتيل، إلى جانب سيارتَين إضافيتين كان يتسابق معهما. كما أنّ انسحاب فالتيري بوتاس وفّر دفعة إضافيّة.

تلقّى حينها الأخبار سريعًا: "حسنًا يا بيريز، عملٌ جيّد، أنت في المركز الرابع الآن، تقدّم على فيتيل، وغاسلي وهاميلتون".

وبعد أن استوعب ذلك في المنعطفات القليلة التالية، سأل المكسيكي: "من التالي؟".

سيرجيو بيريز، ريد بُل ريسينغ وأنطونيو جيوفينازي، ألفا روميو

تصوير: صور موتورسبورت

وربّما نتيجة قلقه من أنّ بيريز متحمّسٌ بشكلٍ مفرط، بالنظر إلى أنّ لاندو نوريس كان أمامه بثماني ثوانٍ، حاول بيرد تهدئة الوضع بالقول: "حافظ على الوقود من الآن فصاعدًا، ارفع قدمك عن دوّاسة الوقت، لديك فيتيل خلفك بثانيتين".

في الحقيقة قلّص بيريز الفارق مع نوريس على مدار اللفّات الـ 44 الأخيرة. تمحور التجاوز حول ارتكاب سائق مكلارين لخطأ ما، لكنّ ذلك لم يحدث في النهاية.

كان سباقًا رائعًا من بيريز، وساعد مركزه الرابع ريد بُل على انتزاع صدارة بطولة الصانعين. لكنّه أبقى على تواضعه بالرغم من ذلك.

"أنا مسرورٌ بالنتيجة" قال بيريز عندما سُئل من قبل موقعنا "موتورسبورت.كوم"، وأضاف: "أعتقد بأنّنا عندما نصل إلى أبوظبي فإنّ أحدًا لن يذكر هذا السباق. يتمحور كلّ شيء حول البطولة. هذه بطولة طويلة تقلّص قيمة الأيّام السيّئة، والخروج بقوّة من يومٍ سيّئ سيلعب دورًا جوهريًا".

وأردف: "تمكّنا من فعل ذلك اليوم. قام الفريق بعملٍ مدهش على صعيد استراتيجيّتي. كان لدينا تواصلٌ جيّدٌ جدًا وضغطنا عندما احتجنا لذلك، لذا عملٌ رائعٌ من الفريق".

وأكمل: "كانت منافسة قريبةً جدًا مع لاندو في النهاية. لكن من الواضح أنّ التجاوز هنا يتطلّب مستوى مجازفة عالٍ، يُمكننا أن نشعر بالرضا اليوم بالنظر إلى أنّه كان يومًا مهمًا على صعيد البطولة".

ثمّ تابع: "يُظهر ذلك أنّ وتيرتنا قويّة أيّام الأحد، أحتاج فقط لحلّ مشاكلي أيّام السبت".

اعترف بيريز أنّ هناك بعض الإحباط حيال مراكز انطلاقه بالنظر إلى السرعة التي يقدر على إظهارها في السباقات.

وقال المكسيكي: "أجل بالضبط. لكن أعتقد بأنّ ذلك جزء من عمليّة تأقلمي، مثلما شاهدتم مع سائقين آخرين. هذا موسمٌ فريدٌ جدًا من تلك الناحية. لم يكن السائقون المنتقلون إلى فرقٍ أخرى يُعانون بهذا الشكل في الماضي".

وأضاف: "لكن بالنظر إلى الكثير من المتغيّرات هذا العام فقد أصبح ذلك أكثر صعوبة. قام بعض السائقين بعملٍ أفضل من آخرين. لكن أجل لا أشعر بعد بارتياحٍ كامل داخل السيارة، لكن أعتقد بأنّنا حالما نقدر على حلّ مشاكل السبت فقد أظهرنا بالفعل وتيرتنا القويّة أيّام الأحد".

واعترف في المقابل بأنّ إيمولا كانت مخادعة على صعيد نتيجة التصفيات، حيث لم يكن قادرًا على تكرار ذلك الأداء منذ ذلك الحين.

 وقال بخصوص ذلك: "أجل بالنظر إلى أنّني تمكّنت من التواجد على الخانة الثانية على شبكة الانطلاق في إيمولا ضمن سباقي الثاني، وهي حلبة صعبة بالفعل. لكنّ التقدّم لم يحدث أيّام السبت. كلّما تكون هناك بعض المتغيّرات التي لم أتقنها بالكامل مع السيارة، فإنّ ذلك يحدث، لكنّني أرى الضوء في نهاية النفق".

وبتوسّعه في الحديث عن تلك المتغيّرات، قال بيريز: "أشياء مثل تغيّر تركيبات الإطارات والأجنحة والأحوال الجويّة، تلك الأشياء التي لو كنت تحفظ السيارة عن ظهر قلب فمن السهل التأقلم معها حينها".

وأضاف: "مثلما قلت فإنّني لست السائق الوحيد الذي يُعاني مع سيارة جديدة. لم أنسَ كيف أقوم بعملي، لكنّ الأمر يأخذ فترة أطول بقليل ممّا وددته للأسف".

ستتوجّه الفورمولا واحد إلى أذربيجان ضمن جولتها المقبلة، وهي حلبة فريدة يُمكن أن يحدث عليها كلّ شيء، وسبق لبيريز الحلول ثالثًا عليها في 2018.

سيرجيو بيريز، ريد بُل ريسينغ

تصوير: صور موتورسبورت

حيث قال: "أعتقد بأنّه من المفترض أن نكون أقوياء مجدّدًا. لذا آمل أن نكون قادرين على تقديم أداء جيّد يوم السبت. أتوقّع أن تكون مرسيدس قويّة جدًا هناك. لذا سيكون تحديًا مختلفًا عن موناكو. سيكون من المثير للاهتمام رؤية موقعنا هناك".

لا تُعدّ باكو حلبة تقليديّة، لذا ستكون السباقات الثلاثة في فرنسا والنمسا مفيدة أكثر بالنسبة لمنحى تعلّم بيريز، خاصة الحدثين المتعاقبين المقامين في النمسا.

وقال المكسيكي: "أعتقد بأنّ التوجّه للمزيد من الحلبات سيكون مهمًا جدًا، خاصة النمسا. خوض جولتَين على ذات الحلبة سيُسرّع منحى تعلّمي".

وعلى الجانب الإيجابي فإنّ الفريق يدعمه بشكلٍ كامل، لكنّه يعلم أكثر من أيّ طرفٍ آخر أنّ عليه بدء تقديم نتائج أفضل. حقّق المركز الرابع مرّتين حتّى الآن والخامس مرّتين كذلك، وللأسف تحوّل مركزه الثاني على شبكة انطلاق إيمولا إلى مركز محبط في السباق.

تتصدّر ريد بُل بطولة الصانعين بـ 149 نقطة بفارق نقطة يتيمة عن مرسيدس بعد جولة موناكو، وعلى بيريز المساهمة بشكلٍ أكبر في ذلك.

"أعتقد بأنّه يُواجه مصاعب أكثر أيّام السبت بالمقارنة مع الأحد" قال هورنر بعد السباق، وأضاف: "وتيرة سباقه قويّة جدًا جدًا. لذا أعتقد بأنّنا نحتاج للعمل معه على أيّام السبت لمساعدته على الشعور براحة أكبر، لكنّ ذلك سيحدث".

وأردف: "يُمكنكم رؤية أغلب السائقين، ما عدا كارلوس ساينز الإبن على الأرجح، المنتقلين إلى فرقٍ أخرى هذا العام يتطلّبون وقتًا طويلًا للتأقلم. أعتقد بأنّ إطارات هذا العام مخادعة كذلك، وذلك يخلق ديناميكيّة أخرى. لكنّه يقترب من الهدف، أداءٌ مثل أداء اليوم يُساعد في ذلك".

وأكمل: "قدّم بيريز بعض السباقات الرائعة هذا العام. كان قويًا جدًا في البحرين. وتيرة سباقه في برشلونة كانت قويّة جدًا. وكذلك في بورتيماو فقد كانت جيّدة".

واختتم بالقول: "لذا لا شكّ في ذلك، يحتاج فقط للتأهّل في مركزٍ أفضل، وحينها سيُصبح عاملًا في المنافسة".