هل جعلت جائزة إيفل الكبرى جدول اليومين حتميًا لعطل نهاية الأسبوع في الفورمولا واحد؟

وصلت الأجواء الباردة في المنطقة التي تُعرف بـ "السيبيريا الألمانيّة" مبكّرًا يوم الجمعة مجتمعة بأمطار وضبابٍ كثيف في نوربورغرينغ.

كانت الأحوال الجويّة سيّئة لدرجة منعت الحوامة الطبيّة من الطيران، ما أجبر المنظّمين على إلغاء حصّتي التجارب الحرّة يوم الجمعة.

وضمن تحسّن الأحوال الجويّة يوم السبت، فضلًا عن اعتماد إدارة السباق لخطّة طوارئ، إقامة التجارب الحرّة الثالثة وفق ما هو مخطّطٌ له، ليحصل السائقون على ساعة وحيدة لتجربة سياراتهم على حلبة لم تتسابق عليها الفورمولا واحد منذ 2013، ما كان يعني ضغط عطلة نهاية الأسبوع في يومين فقط.

وستعتمد عطلة نهاية أسبوع بيومين فقط بالفعل لجائزة إيميليا-رومانيا الكبرى في إيمولا خلال وقتٍ لاحقٍ من هذا الشهر، وهي الخطوة الرسميّة الأولى لما قد يُصبح المعيار الطبيعيّ في الفورمولا واحد. سيحصل السائقون على حصّة واحدة بـ 90 دقيقة من التجارب لرفع أدائهم صباح يوم السبت قبل التصفيات، ومن ثمّ السباق يوم الأحد بشكلٍ طبيعي.

وانقسمت الأراء في البداية حول تلك الصيغة. إذ قال ماكس فيرشتابن في أغسطس أنّه "من الغباء بعض الشيء" إقامة حصّة تجارب واحدة لما ستكون بمثابة حلبة جديدة على الفورمولا واحد، وتساءل عن عدم تجربة تلك الصيغة على حلبات تستضيف أكثر من سباق، مثل ريد بُل وسيلفرستون.

لكن مع التفاف الكثير من الشخصيات حول هذه الفكرة، هل باتت مسألة عطلة نهاية الأسبوع ذات اليومين أمرًا حتميًا الآن؟

إذ أنّ الحصول على حصّة تجارب واحدة في نوربورغرينغ لم يُغيّر الكثير على صعيد ترتيب الأداء في المقدّمة. فقد حجزت مرسيدس صفّ الانطلاق الأوّل مجدّدًا في التصفيات أمام فيرشتابن صاحب المركز الثالث.

لكنّ الافتقار لفرصة تحليل كلّ البيانات المجمّعة عادة يوم الجمعة من 3 ساعات من التجارب كان يعني عدم قدرة الفرق على بلوغ "المثاليّة" التي تظهر في التصفيات عادة.

وقال بوتاس صاحب قطب الانطلاق الأوّل: "لا شكّ، كلّما خضت تجارب أكثر كلّما حسّنت التفاصيل الدقيقة".

وأضاف: "خاصة يوم الجمعة، لديك ليلة كاملة بين الحصص من أجل النظر في التفاصيل. كلّما خضت تجارب أكثر كلّما كنت أسرع قليلًا".

وأردف: "لكن بصدق فإنّني أعتقد بأنّ هناك الكثير من التجارب حاليًا في عطلة نهاية الأسبوع الطبيعيّة. يتوصّل الجميع إلى الإعدادات الأفضل على صعيدَي القيادة والضبط، لكن إن كانت هناك تجارب أقلّ، فربّما يُخطئ البعض ويُفلح البعض الآخر".

يُعتبر ذلك القدر من الضبابيّة وتضرّر حظوظ بعض السائقين مكسبًا إضافيًا سيراه الجميع. إذ كان أليكسندر ألبون من بين السائقين الذين تحسّروا على عدم خوض الكثير من التجارب في جولة ألمانيا، حيث تأهّل خامسًا خلف شارل لوكلير سائق فيراري في القسم الثالث من التصفيات.

"لم أكن سعيدًا بلفّاتي بالمقارنة مع ما كان ليكون عليه الوضع لو خضنا التجارب الحرّة الأولى والثانية" قال ألبون معترفًا بأنّ السائقين اليافعين متعوّدون على ذلك، وأضاف: "لو فكّرتم في الأمر، فإنّ ذلك ما نحن متعوّدون عليه كسائقي فورمولا 2 وفورمولا 3".

وأردف: "عليك أن تكون أسرع في الحصّة، ولا تحصل على الكثير من الوقت. أحببت ذلك، وأتطلّع قدمًا للأمر ذاته في إيمولا".

بدوره قال لويس هاميلتون الفائز بالسباق أنّ الافتقار للتجارب جعل رحلته نحو الفوز "صعبة أكثر"، لكنّه قال بأنّه سعيدٌ بعدم خوض تجارب يوم الجمعة، مُشيرًا إلى المكاسب البيئيّة وراء ذلك".

وقال في هذا الصدد: "هناك 22 يومًا أقلّ من تواجد السيارات على المسار وتلويثها للهواء والكوكب، ذلك إيجابي".

وأضاف: "أعتقد بأنّ ذلك زاد من صعوبة مهمّتنا. تحصل على الكثير من الوقت عادة يوم الجمعة لاختبار مختلف الإعدادات، ولو كنت متأخّرًا فسيكون بوسعك التعافي والتعويض. عندما تبدأ يوم السبت فليس لديك وقت".

وأردف: "أمامك حصّة وحيدة لفعل كلّ شيء والالتزام بأيّ إعدادات بين التجارب والتصفيات".

كما شعر كيفن ماغنوسن بأنّ هذه الصيغة من شأنها التقليص من بعض أفضليّة الفرق الكبيرة التي تقدر على الإمعان في البيانات المُجمّعة من يوم الجمعة.

وقال الدنماركي: "ستكون الفرق الأكبر أقرب من المستوى المثالي لأدائها بالمقارنة مع الأصغر. لكن يُمكنك إحداث الفارق كسائق. إن كنت جيّدًا على صعيد التأقلم، فيُمكنك كسب أفضليّة".

وفي ظلّ ضغط الفورمولا واحد من أجل تقليص الفارق بين الفرق من خلال سقف النفقات وتعديلات القوانين، فإنّ تقليص عطلة نهاية الأسبوع إلى يومين قد يكون طريقة فعّالة في المساعدة على ذلك من دون تغيير كتيّب القوانين.

وشاطر توتو وولف مدير فريق مرسيدس رأي ماغنوسن، لكنّه أشار إلى الجانب الآخر السلبيّ على صعيد بيع التذاكر من دون تجارب يوم الجمعة، حيث قال: "من الواضح أنّ هذا السؤال يجب طرحه على المروّجين".

وأضاف: "يبيعون التذاكر يوم الجمعة، والكثير لا يقدرون على شراء التذاكر لعطلة نهاية الأسبوع بأكملها، لذا يشترون تذاكر لرؤية سيارات الفورمولا واحد يوم الجمعة فقط. ذلك ما يجب التفكير فيه عند دراسة هذه الفكرة".

ومن الواضح أنّ الاقتصار على يومين فقط سيؤدّي إلى مراجعة للاتفاقات الحاضرة بين الحلبات والفورمولا واحد، كون الرسوم الحاليّة مبنيّة على أحداثٍ من ثلاثة أيّام.

لكن قد يكون من الممكن تعويض ذلك من خلال توسيع الروزنامة، وهو ما تميل إليه الفورمولا واحد منذ استحواذ ليبرتي ميديا عليها في 2017. ذُكر عدد 25 في السابق وأثار ذلك بعض المخاوف على صعيد الإجهاد في البادوك. كانت روزنامة 2020 المعدّلة قاسية، وشهدت إقامة 9 سباقات في 11 عطلة نهاية أسبوع في بداية الموسم، وقد تمّ قبولها على أنّها استثنائيّة بسبب الحاجة، وليس مخطّطًا للمستقبل.

بالرغم من ذلك في حال أرادت الفورمولا واحد إقامة عطل نهاية أسبوع بيومين فقط في المستقبل، فسيتقلّص العبء المسلّط على البادوك نتيجة لذلك. وفي حين أنّ ذلك لن يُقلّص الكثير، كون السفر والتجهيز سيتواصلان، إلّا أنّه يُمكن حينها جعل 25 جولة في الموسم ممكنة أكثر. ستوفّر السباقات الأكثر رسوم استضافة أعلى، ما يُعوّض فارق ما ستخسره البطولة نتيجة خسارة أيّام الجمعة.

في حال لعبت صيغة سباق إيمولا دور اختبار بالنسبة للفورمولا واحد للمستقبل، فإنّ البطولة ستكون قد حصلت بشكلٍ مفاجئ على اختبارين وبيانات من سباقَين نتيجة الضباب يوم الجمعة في نوربورغرينغ.