تحليل: كيف ستعمل قوانين الانطلاقة الثابتة تحت الأمطار

تتمثّل إحدى أبرز التغييرات على اللوائح الرياضيّة للفورمولا واحد لموسم 2017 في اعتماد الانطلاقات الثابتة أثناء الأجواء الماطرة، لتنتهي بذلك حقبة اكتفاء المشجّعين بمشاهدة السيارات تسير ببطء خلف سيارة الأمان.

قد تبدو القوانين بسيطة من الوهلة الأولى، لكنّ الاتّحاد الدولي للسيارات "فيا" وفرق البطولة بذلوا الكثير من الجهد للعمل على هذه الإجراءات الجديدة، كما أنّ التفاصيل النهائيّة لم يتمّ الاتّفاق عليها إلّا خلال اجتماعٍ عُقد أثناء تجارب برشلونة الشتويّة قبل أن يُصادق عليها المجلس العالمي لرياضة السيارات.

طريقة العمل

في البداية لا تذكر القوانين المطر بشكلٍ صريحٍ، لكنّها تنصّ على أنّه "في حال اعتُبرت حالة المسار غير مناسبة لبدء السباق عند الوقت المحدّد، فإنّ انطلاقة لفّة التحمية من الممكن أن تقام خلف سيارة الأمان"، كما من الجدير ذكره أنّ كلمة "يُمكن" قد أخذت مكان "يجب" ضمن المسودّة السابقة.

وبالرغم من أنّه من غير المرجّح أن يكون هناك سببٌ آخر لهذا التغيير بخلاف الطقس السيّئ، فمن الجيّد أن نذكر أن تسرّبًا للزيت خلال أحد السباقات المساندة لجائزة ماكاو الكبرى ساهم في إجبار تشارلي وايتينغ على بدء سباق الفورمولا 3 خلف سيارة الأمان.

وكما كان عليه الحال بالنسبة للانطلاقة خلف سيارة الأمان، فإنّ القوانين تشرح كيف ستُعلمنا "فيا" بما يجري: "عند إشارة الدقائق العشر تشتعل الأضواء البرتقاليّة، تُعتبر تلك إشارة للسائقين على أنّ لفّة التحمية ستبدأ خلف سيارة الأمان. في الوقت ذاته سيتمّ تأكيد ذلك لجميع الفرق عبر نظام الرسائل الرسمي".

وعلى افتراض أنّ الأمطار الغزيرة هي السبب وراء انطلاق السيارات خلف سيارة الأمان، فكما هو الحال في السابق "فإنّ استخدام إطارات الأمطار إلزاميّ إلى حين عودة سيارة الأمان إلى خطّ الحظائر" وأنّ "عقوبة بناءً على المادة «38.3 د» ستُوجّه إلى أيّ سائقٍ لا يستخدم إطارات الأمطار أثناء تواجد سيارة الأمان على الحلبة عند ظروفٍ مماثلة".

في المقابل لم تتغيّر الإجراءات التي تتّبعها السيارات بعد ذلك، حيث أُضيف السطر التالي إلى القوانين: "عندما تشتعل الأضواء الخضراء تُغادر سيارة الأمان شبكة الانطلاق وعلى جميع السائقين اتّباعها بنفس ترتيب شبكة الانطلاق، مع عدم تجاوز مسافة 10 سيارات بين كلٍ منها، وعلى السائقين احترام حدّ سرعة خطّ الحظائر إلى حين تجاوز قطب الانطلاق الأوّل. ستواصل سيارة الأمان الدوران على الحلبة إلى حين اعتبار الظروف ملائمة للتسابق".

لكنّ الجانب الأساسي الذي يجب تذكّره أنّ اللفّات التي يتمّ إكمالها خلف سيارة الأمان ليست جزءًا من السباق، وهي عبارة عن لفّات تحمية إضافيّة في الحقيقة – على عكس الإجراءات السابقة التي كان السباق يبدأ خلالها حالما تنطلق سيارة الأمان من على شبكة الانطلاق.

المنطلقون من خطّ الحظائر

كنتيجة لذلك، سيتمثّل أحد التغييرات الأساسيّة بالمقارنة مع السابق في أنّ السيارات المنطلقة من خطّ الحظائر نتيجة عقوبة أو خيارات استراتيجيّة لا تنضمّ إلى السيارات الأخرى ببساطة.

ويُسمح لأولئك السائقين بمغادرة خطّ الحظائر حال انطلاق السيارات على شبكة الانطلاقة، ما يسمح لهم بالحصول على شعورٍ بالمسار المبلّل والمساهمة في تشتيت برك المياه.

لكن عندما يحين موعد الانطلاقة الثابتة سيتعيّن على أولئك السائقين العودة إلى خطّ الحظائر للانطلاق من هناك. أي بعبارة أخرى فإنّهم لا يحصلون على تغاضٍ مجانيٍ عن أيّة عقوبات حصلوا عليها كما كان عليه الحال في السابق.

وتشرح القوانين ذلك كالتالي: "أيّة سيارات ستبدأ السباق من خطّ الحظائر يكون بوسعها الانضمام إلى لفّة التحمية حال عبور جميع السيارات الأخرى نهاية خطّ الحظائر للمرّة الأولى. ويُمكن لأيّة سيارات منطلقة من هناك إكمال لفّات التحمية، لكن عليها دخول خطّ الحظائر مجدّدًا بعد عودة سيارة الأمان إلى منطقة الصيانة وبدء السباق من نهاية خطّ الحظائر بالترتيب الذي وصلت عليه".

بالإضافة إلى ذلك، لا يُمكن لأولئك السائقين اتّباع سيارة الأمان إلى خطّ الحظائر من أجل الانتقال إلى إطارات "انترميديت" أو الإطارات الملساء، أو سيواجهون عقوبة توقّف وانطلاق 10 ثوانٍ، حيث تنصّ القوانين: "يُمكن فرض عقوبة بناءً على المادة «38.3 (د)» على أيّ سائقٍ يدخل خطّ الحظائر تحت هذه الظروف ويتمّ تغيير إطاراته لخصائص أخرى قبل مغادرة خطّ الحظائر".

لكنّ إحدى المسائل الغريبة تتمثّل في أنّ السائقين المنطلقين من خطّ الحظائر ليسوا مُجبرين على المشاركة في لفّات التحمية تلك، ما يعني أنّه عند انطلاق السباق سيكون لديهم قدرٌ أكبر بكثيرٍ من الوقود بالمقارنة مع من شاركوا فيها وانطلقوا من شبكة الانطلاق.

وقد تكون هناك ظروفٌ يُعتبر خلالها ذلك أفضليّة، لكنّ الفرق أجمعت بشكلٍ عام عند صياغة القوانين على أنّ وزن الوقود الإضافي يُعتبر عائقًا وليس أفضليّة، كما أنّ هناك مكاسب أخرى من التواجد على المسار والحصول على شعورٍ بالسيارة عليه.

وبخلاف أولئك الملتزمين بالانطلاق من خطّ الحظائر، فإنّ أيّ سائقٍ يبدأ سباقه على شبكة الانطلاق خلف سيارة الأمان ويجري بعد ذلك توقّفًا أثناء لفّات التحمية، سيتعيّن عليه الانطلاق بعد ذلك فعليًا من خطّ الحظائر.

أي أنّ الأمر مشابهٌ للفّة التحمية الوحيدة الاعتياديّة في هذا الجانب، إذ في حال توجّهت إلى خطّ الحظائر مع نهايتها فأنت تتخلّى عن فرصة الانطلاق من الشبكة، إلّا أنّ الاختلاف الوحيد في هذه الحالة يكمن في أنّه بوسعك العودة إلى المسار والقيام بالمزيد من لفّات التحمية طالما أنّك ستعود إلى خطّ الحظائر من أجل الانطلاقة الفعليّة عند مغادرة سيارة الأمان لأرض الحلبة.

وتنصّ المادة: "أيّة سيارات أخرى تدخل خطّ الحظائر خلال لفّات التحمية بوسعها العودة إلى المسار لكن عليها دخول خطّ الحظائر بعد عودة سيارة الأمان إليه وبدء السباق من نهاية خطّ الحظائر بالترتيب الذي وصلت عليه إلى هناك".

بشكلٍ عام تعمل هذه المادة على تثبيط السائقين من محاولة الحصول على أفضليّة من خلال الانتقال إلى إطارات أمطارٍ ساخنة وجديدة مباشرة قبل الانطلاقة ومن ثمّ التوجّه إلى الشبكة.

بالرغم من ذلك قد يُقدم سائقٌ في مؤخّرة شبكة الانطلاق على القيام بذلك وتقبّل الانطلاق من خطّ الحظائر لكن في حال قام بتغيير خصائص الإطارات إلى "إنترميديت" أو إطارات ملساء، فسيحصل على عقوبة توقّف وانطلاق 10 ثوانٍ.

بعبارة أخرى، لا يُمكن لأيّ أحدٍ تغيير إطارات "فول ويت" بأخرى من دون الحصول على عقوبة حتّى انتهاء اللفّة الأولى من التسابق الفعلي.

لا تجاوزات

بالطبع لا يُسمح بالتجاوز عندما تسير السيارات خلف سيارة الأمان، إلّا في حال واجهت السيارة التي في الأمام مشكلة ما، مثل "1) في حال تأخّرت سيارة في مغادرة شبكة الانطلاق ولا يُمكن للسيارات التي خلفها تفادي تجاوزها من دون تأخير بقيّة السيارات، 2) في حال كانت هناك أكثر من سيارة ستنطلق من خطّ الحظائر وتأخّرت إحداها".

وفي حال لم يكن السائق قادرًا على استعادة موقعه الأساسي قبل الانطلاقة الثابتة، فعليه التوجّه إلى خطّ الحظائر للانطلاق من هناك.

وتنصّ القوانين: "في كلا الحالتين يُمكن للسائقين التجاوز واستعادة موقعهم الأساسي أو موقعهم عند مخرج خطّ الحظائر أثناء بداية لفّة التحمية".

وتضيف: "أيّ سائقٍ تأخّر في كلا الحالتين، وليس قادرًا على استعادة موقعه الأساسي قبل بلوغ خطّ سيارة الأمان الأوّل في اللفّة التي تعود فيها سيارة الأمان إلى خطّ الحظائر، فعليه أن يدخل خطّ الحظائر ولا يُمكنه الانضمام إلى السباق إلّا عندما تعبر جميع السيارات الأخرى نهاية خطّ الحظائر بعد انطلاق السباق فعليًا".

وأيّ سائقٍ لا يعود إلى موقعه المناسب في الترتيب، لكنّه يعود إلى شبكة الانطلاق ويفسد فعليًا إجراءات الانطلاقة فسيحصل على عقوبة توقّف وانطلاق 10 ثوانٍ: "أيّ سائقٍ يفشل في دخول خطّ الحظائر في حال لم يستعد موقعه الأساسي قبل بلوغ خطّ سيارة الأمان الأوّل".

وعند استدعاء سيارة الأمان في نهاية المطاف، يتوجّه السائقون إلى مواقعهم على شبكة الانطلاق وعليهم اتّباع إجراءات الانطلاقة الطبيعيّة: "حالما تعود سيارة الأمان إلى خطّ الحظائر، فعلى جميع السيارات ما عدا تلك المنطلقة من خطّ الحظائر أن تتوجّه إلى شبكة الانطلاق والتوقّف على مراكزها واتّباع الإجراءات التي تُحدّدها المواد من 36.9 إلى 36.13".

في البداية، اعتُمدت القوانين لفرض عقوبة على أيّة سيارات تجري توقّفًا خلال لفّات التحمية، لكن كما أشرنا فإنّ ذلك قد تغيّر الآن، حيث يتعيّن على تلك السيارات الانطلاق من خطّ الحظائر الآن.

بالطبع هناك دائمًا إمكانيّة عدم تحسّن الظروف أثناء لفّات التحمية، حيث يملك مدير السباق حقّ إعادة سيارة الأمان وبقيّة السيارات إلى خطّ الحظائر والانتظار حتّى تحسّن الأحوال الجويّة. ولا يُعدّ ذلك إيقافًا للسباق، كونه لم ينطلق فعليًا بعد.

لا فرصة ثانية

من الواضح في المقابل بناءً على القوانين أنّه في حال حدث ذلك فلن تكون هناك محاولة ثانية لإجراء انطلاقة ثابتة، أي بعبارة أخرى فإنّه عند استئناف المنافسة خلف سيارة الأمان فستكون تلك انطلاقة السباق، وسيتمّ إفساح المجال أمام السيارات كما كان يجري عليه الحال في السابق.

وتنصّ القوانين: "في حال اعتُبرت الظروف غير ملائمة لانطلاق السباق بعد عدّة لفّات تحمية خلف سيارة الأمان، فإنّ رسالة «إيقاف إجراءات الانطلاقة» ستُبعث إلى جميع الفرق عبر نظام الرسائل الرسمي وعلى جميع السيارات دخول خطّ الحظائر خلف سيارة الأمان. يجب حينها اتّباع الإجراءات المنصوص عليها في المادّتين 41 و42 ولن تكون هنالك انطلاقة ثابتة".

في حال حصلنا على انطلاقة ثابتة، أو حتّى إذا تمّ إلغاء محاولة الانطلاقة الثابتة وتواجدت سيارة الأمان على الحلبة بعد استراحة، فإنّ عاملًا أساسيًا سيتمثّل حينها في طول السباق.

إذ كما ذكرنا فإنّ اللفّات التي يتمّ إكمالها خلف سيارة الأمان ستُعتبر بمثابة لفّات تحمية. ويتمّ تحديد طول السباق الفعلي عبر المعادلة التالية: "في حال بدأت لفّة التحمية خلف سيارة الأمان (انظر المادة 39.16) فإنّ عدد لفّات السباق سيتقلّص بعدد اللفّات التي أكملتها سيارة الأمان ناقص واحد".

بما معناه أنّ خمس لفّات تحمية ستقلّص سباقًا يبلغ عدد لفّاته الأساسي 70 لفّة على سبيل المثال إلى 66 (70 ناقص خمسة، زائد واحد). إذ يهدف ذلك لأخذ كميّات الوقود بعين الاعتبار وحقيقة أنّه خلال السباقات الجافة تعمد الفرق إلى أخذ لفّة تحمية واحدة فقط بعين الاعتبار عند ملء السيارات بالوقود.

وسننتظر حتّى حصولنا على فرصتنا الأولى لرؤية نتائج هذه الإجراءات الجديدة، لكنّ شيئًا واحدًا فقط واضح: يجب أن تكون النتائج أفضل بكثيرٍ ممّا حصلنا عليه خلال المواسم الماضية.

حتّى الانطلاقات خلال الظروف الجافّة باتت متقلّبة للغاية بالمقارنة مع ما كانت عليه، كما أنّ استخدام إطارات "فول ويت" على حلبة مبلّلة سيتطلّب بعض الحظّ أيضاً.

كما سيكون من المثير للاهتمام رؤية الخطوط التي سيتّبعها السائقون خلال لفّات التحمية، إذ أنّ المنطق يشير إلى أنّ السائقين المنطلقين على جانب خطّ التسابق سيعبرون على تلك الجهة، بينما سيبذل سائقو الجهة الأخرى أقصى ما في وسعهم لمحاولة تجفيفها لمحاولة لتحسين فرصهم عند الانطلاقة الفعليّة.

وعند إجراء الانطلاقة الفعليّة، يبقى السؤال حينها كم من لفّة سيبقى السائقون على الحلبة قبل التوجّه إلى مناطق الصيانة للتخلّص من تلك الإطارات، بالنظر إلى أنّ القوانين تنصّ على أنّ الظروف يجب أن تتحسّن عند إجراء الانطلاقة الفعليّة؟

لا توجد أيّ فقرة في القوانين تمنع السيارات الـ 20 جميعها من التوجّه إلى خطّ الحظائر عند نهاية اللفّة السريعة الأولى من عمر السباق...