تحليل: كيف دحضت أجهزة المحاكاة في الفورمولا واحد أكبر الشكوك؟

بالمقابل، أثيرت بعض الأسئلة حيال مدى "العدل" في أن يتمرن سائقو السباقات على أجهزة المحاكاة في مثل هذا التوقيت، ما يمنح فرقهم بعض الأفضلية قبل أن تطأ السيارات أرض الحلبة.

لكن هذا دليل آخر على أنه وبالرغم من شكوك أولئك السائقين حيال أهمية أجهزة المحاكاة، مثل هاميلتون، لكن آراءهم قد تغيرت وتحولت بحيث باتوا هم أنفسهم يتبنّون هذه المقاربة.

ولفترة طويلة من الزمن، ابتعد بعضٌ من كبار نجوم الفورمولا واحد عن العمل على أجهزة المحاكاة.

إذ لطالما انتقد كيمي رايكونن فكرة البقاء لساعات طويلة أمام شاشة الحاسوب.

أما هاميلتون نفسه، وبينما كان يقوم بكل ما بوسعه على مرّ السنين، لكنه صرح بأن أجهزة المحاكاة لن تقدر على تقديم نفس فوائد التجارب الفعلية على أرض الحلبة.

حيث قال العام الماضي: "يمكنك إكمال يوم كامل من العمل على جهاز المحاكاة، لكن جهاز المحاكاة ليس المكان المناسب للتواجد فيه كسائق".

وأكمل: "مستويات التماسك غير صحيحة وكذلك تأثيرات الرياح أو حتى درجات الحرارة. لذا فإن الأرقام الناتجة عن العمل على جهاز المحاكاة قد تكون بعيدة تماماً عن الحقيقة".

واسترسل: "عليك الحذر حيال البيانات التي تتلقاها من تلك الأجهزة فيما يتعلق بالقرارات التي تتخذها".

لكن وبينما يعي البريطاني حدود تلك الأجهزة، لكن ذلك لا يعني أنه ضدها تماماً، فقد كان من المثير للاهتمام رؤية هاميلتون وهو يندمج في العمل على جهاز المحاكاة العام الماضي كذلك.

حيث عادة ما كان يترك العمل على الجهاز لغيره، لكنه في 2021، قام بكل ما بوسعه لناحية العمل على جهاز المحاكاة.

وبينما كان هناك سبب قوي يدفعه إلى ذلك، ألا وهو معركة اللقب المشتعلة آنذاك بينه وبين ماكس فيرشتابن سائق ريد بُل، لكن هناك عاملاً آخر لا يجب إهماله.

هذا العامل هو ما غيّر وجهة نظر هاميلتون حيال أجهزة المحاكاة: لقد وصلت هذه الأجهزة إلى مرحلة كافية من التعقيد والدقة تمنحها القدرة على تقديم فوائد واضحة.

كما شرح مايك إيلوت المدير التقني لدى مرسيدس، حيث قال: "أعتقد أن هذه الأدوات باتت أفضل وأفضل، وباتت أكثر قرباً من الواقع، وأكثر فائدة للسائقين".

وتابع: "لقد توقفت عن كونها مجرد أدوات للعب أو التسلية، بل باتت أداة هندسية حقيقية يمكن عبرها الحصول على أفضلية خلال السباقات".

وأردف: "أعتقد أن المزيج من التقدم الواضح في عملها وشدة معركة اللقب، كان يعني أن كلا السائقَين ـ هاميلتون وفيرشتابن - سيمضي وقتاً أطول في العمل عليها".

واستكمل: "أعتقد أنها مسألة التزام. حيث يفكر السائق بأنه قام بأمر مفيد له قادر على الاستفادة منه إلى الحد الأقصى".

سلسلة الفورمولا واحد الإلكترونية للمحترفين

تصوير: جو برادي

بالفعل، مع تحسن تقنيات المحاكاة في الفورمولا واحد، ازدادت قيمتها بالنسبة للسائقين والمهندسين، وبالتالي ازدادت الحاجة لها أكثر وأكثر.

وبالتأكيد ليس من المصادفة أن تضع مكلارين أولوية تحسين جهاز المحاكاة لديها إلى جانب نفق هواء جديد، بينما استثمرت فيراري في منشأة جديدة بالكامل في مارانيللو من المفترض أن تكون جاهزة لهذا الموسم.

وبينما تزداد قوة الحواسيب يوماً بعد يوم، بات من المثير أن نسمع شارل لوكلير وهو يتكلم عن عامل آخر: خبرة السائق.

حيث قال: "أعتقد أنها يجب أن تكون تطويراً لكل ما نشعر به على الإطلاق، خاصة شعور السائق".

وأكمل: "من الصعب جداً محاكاة شعور قوة الجاذبية في سيارة حقيقية. لذا، الأمر يتعلق بذلك، بشعور السائق، الذي سيتحسن".

بالنسبة إلى ماتيا بينوتو مدير فريق فيراري، ليس هناك أي شك على الإطلاق بضرورة تقديم أحدث المنشآت على الإطلاق للاستفادة الكاملة مما يمكن لأجهزة المحاكاة تقديمه.

فقال: "نحن نعتقد بأن تواجد جهاز محاكاة جيد لهو أمر هام جداً".

وأكمل: "لو نظرنا إلى معدل اهتراء الإطارات في فرنسا (نقطة معاناة فيراري)، وكيفية تمكننا من معالجتها، وفهمها، ومحاولة التفاعل مع المشاكل، لو كان لديك جهاز محاكاة جيد لناحية التجاوب أو التوافق مع بيانات الحلبة، فإن تطبيق تلك الجهود سيكون أكثر دقة".

واسترسل: "لهذا السبب، كان من المهم بالنسبة لنا إدخال التحديثات. لهذا نعتقد بأن جهازاً جديداً سيضعنا في موقع جيد للمستقبل".

وفي النهاية يبدو أن الأمر قد اتضح: جهاز محاكاة أفضل يعني أن السائقين سيرغبون بالعمل عليه أكثر، وبالتالي فإن النتائج الجيدة ستأتي في نهاية المطاف…

جهاز محاكاة فيراري

تصوير: فيراري