تحليل: كيف تخطط رينو للتعامل مع ألونسو "الجديد"؟

انقسمت الآراء بالفعل حيال قرار رينو ضم ألونسو صاحب الـ 38 عاماً، والذي سيكون بعمر الـ 39 عاماً بحلول موسم 2021، لكن لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن الضغط بات كذلك على عاتق العلامة الفرنسية لتأمين سيارة تنافسية قادرة على الإيفاء بمتطلبات الإسباني ذي الموهبة التي لا شكّ فيها.

وبينما يمثل إعلان عودة ألونسو احتفالاً لفريق رينو بضم أحد أكثر السائقين نجاحاً ومهارة في الحقبة الحالية، والذي أهدى العلامة الفرنسية لقبين في 2005 و2006، لكن لا بدّ من أخذ التحديات المقبلة على محمل الجد.

ولعل أحدث درس تعلمته رينو كان في التوقيع مع دانيال ريكاردو وما ترتب عليه من ازدياد الضغوط على كاهل الفريق لتقديم نتائج لم ترقَ في نهاية المطاف للطموحات. 

لكن، شدّد سيريل أبيتبول مدير فريق رينو - والذي اعترف بأن الشَيب ازداد في رأسه بعد مسألة ريكاردو وانتقاله إلى مكلارين - على عدم وجود أي تردد على الإطلاق فيما يتعلق بضمّ نجم بحجم ألونسو لاستلام دفة القيادة.

إذ يرى أنه وبالرغم من الضغط الذي يشكله وجود سائق كبير من معيار ألونسو، إلا أن كل ذلك سيشكل حافزاً ممتازاً يرفع من مستوى الفريق وأدائه.

فرناندو ألونسو، رينو

تصوير: صور موتورسبورت

ويعي أبيتبول أن التقدم الحاصل في أداء السيارة من الموسم الماضي إلى الجاري على سبيل المثال، لم يكن ممكناً لولا الضغط الذي نتج عن ضم ريكاردو. ولهذا فإنه واثق من تكرار الأمر نفسه مع ألونسو.

فقال: "أعتقد أن الأعين الآن باتت مفتوحة علينا بشكل أكبر. أرى أنه وبالرغم من ازدياد الشيب في رأسي، فقد نجحنا بإتمام بعض التغييرات بسبب الضغط على كاهلنا جميعنا في الفريق بعد انضمام دانيال. أي رفع الفريق إلى مستوى يناسب موهبته".

وأكمل: "وصلنا إلى النمسا بمستوى تنافسي أعلى من أي وقت مضى. نعم لم نسجل النقاط كما كنا نريد، لكن بوسعي القول أن السيارة مختلفة تماماً، وأننا خضنا التجارب الشتوية الأفضل لنا على الإطلاق كفريق".

وتابع: "إنها المرة الأولى التي نغير فيها خصائص سيارتنا منذ 2016، وبصراحة، ربما يعود ذلك إلى تواجد دانيال معنا والضغط الذي يشكله مثل ذلك على الفريق وعليّ أنا كذلك".

الحاجة إلى محفّز كبير تبدو واضحة في قرار ضم ألونسو، الذي بات سائقاً حراً منذ رحيله عن صفوف مكلارين نهاية موسم 2018، لكن هناك عوامل أخرى لعبت دوراً في مثل هذا القرار.

في الحقيقة، إن فكرة ضم ألونسو "الجديد" كانت العامل الأكبر وراء اقتناع الفريق بتلك الخطوة وتفضيل النجم الإسباني على سائقين آخرين أمثال فالتيري بوتاس وسيباستيان فيتيل.

إذ من الضروري بالنسبة إلى رينو ضمّ ألونسو في الوقت المناسب تماماً، وهو ضمن أفضل حالاته، وفي بيئة تناسبه تماماً كي يتمكن من إطلاق العنان لمهاراته، ما يجعله قوة لا تقهر سواء داخل الحلبة أو خارجها. لكن وفي حال أخطأت رينو بحساباتها، ولم يرقَ الفريق إلى مستوى النجم الإسبانيّ، فإن التوتر بين الطرفين قد يتصاعد سريعاً للغاية.

فرناندو ألونسو، رينو أمام مايكل شوماخر، فيراري

تصوير: صور ساتون

وحين سُئِل حيال الناحيتين السلبيتين في قرار ضم ألونسو - عمره وشخصيته، لم ينفِ أبيتبول أن الفريق أخذ ذلك بعين الاعتبار خلال اتخاذ القرار.

فقال: "بالطبع، كيف يمكنني تقييم القرار المناسب؟ لقد أخذنا ذلك بعين الاعتبار".

وأكمل: "أعتقد أن الجميع يصل إلى الفورمولا واحد ولديه حزمة ميزات ليقدمها، وكلما تقدمتَ في السن كلما أصبحت أكثر نجاحاً كذلك، لكن هناك على الدوام نواحٍ سلبية أيضاً".

وأردف: "لكنني أعتقد أن السنوات التي خاضها بعيداً عن الفورمولا واحد كانت ربما فرصة له لإعادة إطلاق العنان للسائق بداخله، وإدراك حقيقة أننا محظوظون جميعنا بتواجدنا هنا، بعملنا ومنافساتنا هنا في الفورمولا واحد".

واستكمل: "علينا ألا ننسى أن المنافسة قد تؤثر على ذهنية الأشخاص سلباً كذلك. أن تحاول وتبذل أقصى ما لديك ومن ثم لا تفوز. وفي الفورمولا واحد قد يكون هكذا هو الحال".

واسترسل: "كل ذلك يشكل إرثه، لكن أيضاً يعتبر سبباً لخوض تجربة جديدة في الرياضة، وربما فرصة جلب فرناندو ’جديد’ إلى فورمولا واحد ’جديدة’".

إذاً، الضغط المحفّز كان السبب وراء اقتناع رينو بضم ألونسو "الجديد" بدلاً من أسماء كبيرة أخرى مثل بوتاس أو فيتيل.

كما يبدو الفريق مقتنعاً بأن التوقيت مثالي كذلك، حيث سيقود ألونسو ضمن تشكيلة موسم 2021، بدلاً من الانتظار حتى نهاية العام كي يصبح الناشئان غوانيو زو أو كريستيان لاندغارد جاهزين للترقية أو حتى الحصول على شهادة القيادة الخاصة "سوبر لايسنس".

"القرار نتج عن عدة عوامل. التوقيت كان هاماً" قال أبيتبول.

وأكمل: "أما بالنسبة لخيارات السائقين اليافعين، ما زلنا ملتزمين معهم بشكل كامل ضمن أكاديمية رينو بشكل خاص، غوانيو زو وكريستيان لاندغارد في الفورمولا 2".

وأردف: "لكنني أعتقد أن هذا أحد نتائج العام الحالي وأزماته. ربما علينا الانتظار حتى منتصف ديسمبر لمعرفة وضع رخصتهما الخاصة للعام المقبل. وذلك ليس خياراً مناسباً لنا".

واستطرد: "بالعودة إلى الخيارات الأخرى، أعتقد أنه وفوق كل شيء، لا بد من الأخذ بعين الاعتبار الذهنية هنا. الموهبة هي ما تميز ألونسو وكذلك الحال مع فيتيل وبوتاس. لا شك حيال ذلك".

وأكمل: "وضع توقعات منطقية، توقعاته المنطقية، ستكون ربما نقطة انطلاق قوية لعلاقة مثمرة".

واسترسل: "لكن كما تعلمون، المزيج بين الذهنية والحافز يعتبر أمراً أساسياً، إضافة إلى التوقيت الحاسم في الأزمة الراهنة".

فرناندو ألونسو، رينو

تصوير: صور موتورسبورت

ويعي أبيتبول تماماً أن كل ما سبق يعتبر أساسياً للغاية في تحقيق النجاح مع ألونسو والذي بدوره سيكون برهاناً على نجاح إدارته للوضع الحالي.

ويبدو أن ألونسو يدرك أنه لن يقود سيارة قادرة على الفوز بالسباقات في الموسم المقبل، لذا لن يكون هناك نجاح مباشرٌ منذ البداية. لكن هناك توقعات بأن مواصلة تحسن الفريق قد تمنحه فرصة العودة إلى منصات التتويج بدءاً من 2022.

ويمتلك الإسباني تاريخاً يشهد له بصعوبة التعامل ضمن الفريق، لهذا السبب اتجه أبيتبول إلى مدير رينو السابق بحثاً عن النصيحة…

فقال: "أعتقد أن الشخص الوحيد الذي نجح بالتعامل معه في هذا الصدد هو فلافيو (برياتوري)، وأعتقد أن ذلك ليس سراً".

وتابع: "لقد كنتُ مع فلافيو كذلك، ورأيت بعض الأمور التي كان يتبعها مع فرناندو، ولطالما خضنا النقاشات أنا وفلافيو. ليس هو فقط ولكن بعض الأشخاص الآخرين الذين لن أذكر أسماءهم، لكن كل ذلك جزء من عملية اتخاذ القرار".

وأكمل: "أنا أستوحي منهم حيال ما سأقوم به الموسم المقبل وكيفية التعامل مع فرناندو. لكن بالنسبة لي، فرناندو ’الجديد’، العائد حديثاً إلى الفورمولا واحد، أعتقد أنه فرناندو أفضل من ذي قبل".

واستكمل: "سأضمن شفافية كاملة معه، لأنه شخص ذكي. إنه يفهم الكثير في جوانب الفورمولا واحد، لذا فإن الأمر الوحيد الذي لن أقوم به هو الكذب عليه أو تقديم وعود لا يمكن الإيفاء بها".

واختتم: "لذا، طموحات واقعية، توقعات منطقية بالنسبة له، ستكون ربما نقطة الانطلاقة الأفضل نحو علاقة مثمرة".

فلافيو برياتوري وفرناندو ألونسو، مكلارين

تصوير: صور موتورسبورت