تحليل تقني: تطويرات فيراري لقاعدتها المتينة الأساسيّة

قدّمت فيراري سيارتَين تنافسيّتين على مدار الموسمين الماضيين ما ساعدها على تحقيق ما مجموعه 11 انتصارَا، لكن في حين أنّها بدأتهما بتأدية قويّة في مواجهة مرسيدس، إلّا أنّها تراجعت في الأقسام الأخيرة إلى جانب ارتكابها لعدّة أخطاء تطويريّة واستراتيجيّة فضلًا عن أخطاء سائقها سيباستيان فيتيل.

نتيجة لذلك لم تحتج فيراري إلى الإقدام على تغييرٍ ثوري بالمقارنة مع سيارة العام الماضي، كون الأخيرة وفّرت قاعدة متينة على صعيد الأداء ولم تحتج سوى لتحديثات ومراجعات لتعزيز تنافسيّتها وتصحيح الوجهة الخاطئة التي سلكها الفريق أثناء محاولة تطويرها في النصف الثاني من الموسم الماضي.

وكان ذلك ما قام به الفريق بالفعل، حيث لم تشهد سيارة "اس.اف90" تغييرات واسعة النطاق عن سابقتها، بالرغم من أنّ ماتيا بينوتو مدير الفريق ومدير قسمه التقني قد قال على هامش حدث الإطلاق بأنّ فيراري اعتمدت حلولًا "مبتكرة" على السيارة الجديدة وأنّ أغلبها غير واضحٍ كونها شملت المكوّنات الداخليّة بالأساس، وهو يشير بالأساس إلى وحدة الطاقة وأنظمة تبريدها وذلك بعد أن اعتبرها الكثير من المتابعين العام الماضي بأنّها أفضل وحدة طاقة في البطولة.

نتيجة لذلك حظي الفريق بتوضيب أفضل للمكوّنات الداخليّة وهو ما انعكس على تصميم القسم الخلفي من السيارة.

تفاصيل سيارة فيراري اس.اف90

تصوير: فيراري

لكن قبل ذلك علينا التطرّق إلى مقدّمة السيارة، حيث يبدو بأنّه بات لدينا نهجا تطوير وفق قوانين 2019 الانسيابيّة، إمّا عبر رفع الجهة الخارجيّة من الرفرفات إلى الحدّ الأقصى المسموح به، أو عبر خفضها إلى مستوى كبيرٍ للغاية مثلما رأينا على سيارة ألفا روميو كحدٍ أقصى وسيارة تورو روسو عند اختبارها على المسار للمرّة الأولى.

واتّبعت فيراري نهج تورو روسو وألفا روميو، حيث ينخفض مستوى الحواف الخارجيّة من رفرفاتها بشكلٍ ملحوظ ويتشابه تصميمها كثيرًا مع تورو روسو، حيث يُهدف من خلال هذه الفكرة دفع الهواء إلى الأسفل وإلى الجهة الخارجيّة للإطار للإبقاء على تأثير التيارات الخارجيّة الذي كانت تحرص الفرق على الحصول عليه في السابق.

وفي حين أنّ القوانين الجديدة تمحورت حول التقليص من تلك الظاهرة، إلّا أنّه بناءً على ما شاهدناه حتّى الآن فإنّ الفرق خصصت قدرًا كبيرًا من مواردها للتقليل من تلك الخسائر.

سيارة فيراري "أس.أف90"

تصوير: فيراري

كما قامت فيراري بثني المكوّنات قليلًا من أجل زيادة ذلك التأثير قبل أن تصل الرفرفات إلى الصفيحة الجانبيّة وهي بالكاد تتمتّع بأيّ زاوية هجون من أجل عدم تشكيل أيّ حاجزٍ أمام الهواء والإبقاء عليه متّصلًا بالأسطح ومتّجهًا إلى الجهة الخارجيّة.

ولزيادة تعزيز ذلك التأثير فقد قامت فيراري بتقليص ارتفاع الصفيحة الجانبيّة في الجزء الأخير للسماح للمزيد من الهواء بالعبور.

أمّا القسم الداخلي فقد حاولت فيراري تشكيل نفق فيه من أجل إنتاج دوّامات عند حافة المنطقة المحايدة، كما أنّ كلًا من دعامتَي الجناح تتضمّن ثلاث فتحات متتالية للمساعدة على ذلك.

سيارة فيراري اس.اف90

تصوير: فيراري

وفي ما يتعلّق بنظام التعليق الأمامي فقد أبقى عليه الفريق منخفضًا قدر الإمكان من أجل إخلاء المساحة أمام الهواء للتوجّه إلى الفتحتَين الجانبيّتين، لكنّ هندسته بقيت على حالها بشكلٍ عام مثل العام الماضي.

وتبدو منطقة الألواح الجانبيّة منظّمة، حيث تتضمّن سلسلة من شفرات التوجيه على الصفيحة السفليّة من أجل دفع الهواء حول واجهة السيارة ودفعه نحو حافة الأرضيّة. ويتشابه هذا التصميم مع نظيره من الموسم المنقضي، بالرغم من أنّ نسخة هذا العام أقلّ ارتفاعًا بطبيعة الحال نتيجة القوانين، وذلك من أجل تلقّي الهواء القادم حول الإطار الأمامي والتحكّم في الاضطرابات الهوائيّة للحصول على تيارات نقيّة يُمكن توجيهها إلى بقيّة أقسام السيارة.

تفاصيل سيارة فيراري اس.اف90

تصوير: فيراري

وواصل الفريق الاعتماد على الموقع المرتفع للفتحتين الجانبيّتين الأفقيّتين مُستخدمًا قضيبَي التصادم الجانبيّين كحدٍ أفقي لهما، حيث يتضمّن ذلك أيضاً المُلحق الإضافيّ العلويّ للفتحة لتزويدها بالمزيد من الهواء.

أمّا الجزء التالي من السيارة فهو ربّما القسم الذي عملت عليه فيراري بشكلٍ مكثّف وفي ما صرّح به بينوتو حول تحسين غطاء المحرّك ونظام تغذية الهواء من أجل فسح المجال أمام الهواء للعبور بسلاسة أكبر نحو الجناح الخلفي.

سيارة فيراري "أس.أف90"

تصوير: فيراري

حيث قال بخصوص ذلك: "فتحة التغذية العلويّة ضيّقة للغاية، وفي حال نظرتم إلى الهيكل الخارجي في القسم الخلفي فهو نحيفٌ للغاية. تمّ بذل الكثير من الجهود من ناحية تركيب المحرّك وتوضيب وحدة الطاقة وأعتقد أنّ الشكل الأخير هو نتيجة كلّ تلك الجهود".

ففي الوقت الذي تقلّص فيه حجم الفتحة العلويّة وأصبح شبه مثلّث، فقد استخد الفريق فتحة ثانويّة أخرى أسفلها لتبريد ملحقات وحدة الطاقة من دون مواجهة الكثير من الجرّ. ونتيجة لتوضيب محرّك فيراري الأفضل، فقد باتت هناك مساحة أكبر بكثير لتشكيل زعنفة في الخلف من أجل تقليص تضارب التيارات الهوائيّة وتقليص الاضطرابات.

سيارة فيراري "أس.أف90"

تصوير: فيراري

واستخدم الفريق جناح "تي" مزدوجٍ مثبّتٍ عند الحافة الخلفيّة من غطاء المحرّك، حيث يعمل على تجهيز التيارات الهوائيّة للجناح الخلفي.

أمّا الأرضيّة فهي تتضمّن ثلاثة شروخٍ طوليّة عند حافة الأرضيّة تعمل على حماية واجهتها السفليّة من أجل الإبقاء على تدفّقٍ سلسٍ للهواء نحو الناشر.

بالانتقال إلى الجناح الخلفي فقد استخدم الفريق ستّة أشرطة في المنطقة الانتقاليّة بين عرضَيه من أجل التخلّص من الاضطرابات الهوائيّة القادمة من الإطار الخلفي، ويُعدّ ذلك مواصلة للتصميم الذي استخدمته فيراري في سنغافورة العام الماضي وتخلّت عنه في سوتشي بعد فشله في توفير الأداء المتوقّع منه، لكن يبدو بأنّ الفريق توصّل الآن إلى حلٍ أفضل ويأمل بأنّ هذه النسخة مع الشروخ الأخرى التي في الحافة الأماميّة للصفيحة الجانبيّة ستؤدي عملًا أفضل.

كما أدخل الفريق تعديلات على مشغّل نظام "دي آر اس" حيث بات يتّصل بفراغ "فيا" عند الحافة العلويّة من الجناح، بينما يتّصل سلك التشغيل بالحافة الأماميّة.

بشكلٍ عام تُعدّ هذه تعديلات نحو الوجهة الصحيحة بالنسبة لفيراري، وستكشف التجارب الشتويّة عن سرعتها، خاصة ما تخفيه على صعيد المحرّك الذي تمّ تحديث مدّخرة طاقته، ولا يبدو بأنّ الفريق سيكتفي بهذا فحسب، حيث أشار بينوتو إلى أنّ شهرًا يفصل الفريق عن الجولة الافتتاحيّة في أستراليا وذلك وقتٌ كافٍ لتقديم المزيد من التحديثات.

سيارة فيراري اس.اف90

تصوير: فيراري