تحليل: هل توصّلت ريد بُل إلى مصدر مشاكل سيارتها "آر.بي20"

لم تُخف ريد بُل حاجتها لقلب أدائها سريعًا في حال أرادت عدم خسارة لقبي بطولة العالم هذا العام.

لكنّ قول ما تريده شيء، وفعل ذلك أمرٌ آخر، خاصة كون الفريق لا يملك شرحًا واضحًا لما سار على نحوٍ خاطئ بعد.

ويُمكننا نسيان نظريات المؤامرة الجامحة حول طلب "فيا" نزع أدوات ومعدّات من سيارة "آر.بي20". عوضًا عن ذلك فإنّ جميع مشاكل ريد بُل من صنع يدها.

وفي حين أنّه لا يُوجد دليلٌ قاطعٌ على ما حدث، فإنّ هناك بعض الأدلّة المذهلة التي طرحها كريستيان هورنر مدير الفريق بعد جائزة إيطاليا الكبرى حول السبب القادح لكلّ هذه المشاكل.

وبحديثه حول مشاكل التوازن التي تضرّ بالسيارة، قال هورنر: "هناك انفصالٌ بين المقدّمة والخلفيّة. يُمكننا رؤية ذلك".

وأضاف: "لا يُظهر نفق هوائنا ذلك، لكنّ الحلبة تُظهره. لذا فإنّ الأمر يتعلّق بالسيطرة على هذه المسألة، لأنّه من الواضح عندما تُواجهها، فإنّ ذلك يعني أنّه لا يُمكنك الوثوق في معدّاتك. ومن ثمّ عليك العودة إلى بيانات المسار والخبرات السابقة".

لذا هل تكون مشكلة في نفق الهواء – وهو أمرٌ قد يكون اتّضح فقط في الأسابيع الأخيرة – هو السبب الرئيسي لكلّ هذه المتاعب؟

ماكس فيرستابن، ريد بُل ريسينغ

الصورة من قبل: محتوى ريد بُل

وضمن محاولة لاكتشاف ذلك، سنُحاول تحديد اللحظة التي سارت فيها الأمور نحو الأسوأ بالنسبة للفريق وسنُلقي نظرة على كيفيّة محاولة الفريق حلّ مشاكله.

وعلى صعيد النتائج وسلوك السيارة، يبدو أنّ جائزة ميامي الكبرى مثّلت نقطة التحوّل. لم تكن تلك الحالة الوحيدة لريد بُل، بل ملاحقينها كذلك، كون مكلارين كشفت عن حزمة تحديثاتها الكبيرة الأولى للموسم، والتي ساهمت في تحقيقها الفوز ومنحها منصّة مفيدة أكثر في كلّ حدث.

في الأثناء انضمّت مرسيدس إلى الصدارة على إثر حزمة تحديثاتها الكبيرة هي الأخرى التي وصلت في موناكو.

أمّا فيراري فقد كانت قريبة من المقدّمة إلى حين تلك النقطة كذلك، وذلك قبل متاعبها في كندا ومن ثمّ الصعوبات التي واجهتها بسبب عودة مشاكل الارتدادات على السرعات العالية نتيجة الأرضيّة التي قدّمتها في إسبانيا. كان ذلك مثالًا آخر على فريقٍ يكتشف أنّ أدوات محاكاته كانت تقول شيئًا في الوقت الذي كانت فيه السيارة الحقيقيّة تقول شيئًا آخر.

ومن الواضح أنّ ريد بُل أصبحت تعي إمكانيّة وجود مشكلة تطابقٍ مع بيانات نفق الهواء، وعلى مدار السباقات القليلة الماضية، اختبر الفريق العديد من المكوّنات من أرشيف تحديثاته من أجل إيجاد حلٍ رحيم لا يُضحي بالكثير من الأداء.

وإلى جانب العمل على تلك المشاكل، حاولت ريد بُل كذلك تحسين سيارتها "آر.بي20"، وهو ما أدّى إلى برنامج تطويرٍ عديم الشفقة مع تحديثات مُعتمدة في كلّ سباقٍ ما عدا جولتَي النمسا وبلجيكا.

وبالنظر إلى مواعيد التحديثات منذ ميامي، يُمكننا رؤية قدر تغيّر سيارة "آر.بي20" خلال تلك الفترة، وكم انقسم برنامج الفريق بين الأهداف طويلة الأمد والأخرى قصيرة الأمد.

مقارنة الجناح الأمامي لسيارة ريد بُل آر.بي20

مقارنة جانب سيارة "آر.بي20"

 يُوضح حجم التغييرات، أنّه في حال كان هناك مكوّنٌ واحد أطلق نقطة التحوّل نحو الأسوأ، فسيكون من الصعب تحديده.

كما تبدو هذه منطقة جديدة لريد بُل كذلك، إذ لا يبدو أنّها واجهت المشاكل التي واجهها منافسوها في المواسم الثلاثة الماضية. كان نجاح تحديثاتها جيّدًا في المجمل، وقدّم تقريبًا ما كان متوقّعًا منه.

ذلك يعني أنّ الفريق لا يحتاج فقط الآن لتعلّم كيفيّة التعامل مع المشكلة الحاليّة فقط، بل يحتاج لفهم سبب وقوعها لكيلا تحدث مجدّدًا في المستقبل.

ويتمثّل العامل الحاسم الآن في تجديد أيّ الأدوات موثوقة ويُمكن الوثوق فيها.

وكما قال هورنر: "ليس بالأمر غير المعتاد عندما لا يعمل مكوّنٌ ما على السيارة، ينتهي بك المطاف بقراءات مختلفة من أدوات محاكاتك، ولا تتقارب لاحقًا. حينها ستكون لديك ثلاث مجموعات بيانات: أنظمة الموائع الحسابيّة، ونفق الهواء والحلبة".

وأكمل: "من الواضح أنّ ما تُعوّل عليه حقًا هو بيانات الحلبة، لكن لتطويرها فإنّ الأمر أشبه بتحديد الساعة من ثلاث ساعات مختلفة، عليك التركيز على الأداة التي ستمنحك أكثر مساهمة قيّمة، وبالطبع بيانات الحلبة هي الأكثر موثوقيّة".

كريستيان هورنر، مدير فريق ريد بُل ريسينغ

الصورة من قبل: صور موتورسبورت

يكمن السؤال الأكبر الآن في طول الفترة اللازمة لريد بُل لإيجاد الأجوبة لمشاكلها وقدر أعمال التطوير الذي تمّ، أو يجري في المصنع، وسيحتاج الفريق للتخلي عنه بسبب ذلك.

ومثلما تواجد الآخرون في أوضاعٍ مماثلة، فإنّ عواقب تمضية الوقت في العمل على هذه المشاكل يُمكن أن تكون وخيمة.

ففي حال كرّس فريقٌ جهودًا لجمع البيانات من مكوّنات قديمة من أجل تحديد المشاكل، فإنّ ذلك يعني أنّ تركيزه لا ينصبّ على تقديم تحسينات تجعل السيارة أسرع.

لذا في حال تزامن ذلك مع مرور المنافسين بمنحى تصاعدي، فإنّ تباين الأداء بينك وبينهم يُمكن أن يُصبح ضخمًا.

كما أنّ عاملًا آخر لم يحظَ بالاهتمام الكافي هو حقيقة أنّ الفورمولا 1 كانت في جزء من الروزنامة زادت فيه بيريللي مستويات الضغط الدنيا لمجاراة خصائص الأحمال للحلبات التي زارتها.

ويُمكن لذلك أن يدفع السيارة بعيدًا عن مجال العمل المثالي، سواءً كان ذلك ميكانيكيًا أو انسيابيًا، وذلك في ظلّ التقاطع الكبير بينهما بشكلٍ بديهي.