تحليل السباق: لماذا كان فيرشتابن ليتغلّب على لوكلير من دون مساعدة سيارة الأمان
في حين أنّ جدلًا أحاط بطريقة نهاية جائزة إيطاليا الكبرى للفورمولا واحد خلف سيارة الأمان، فإنّ النظر عميقًا في تفاصيل الوضع تؤكّد أنّ سائق ريد بُل كان أبرز المرشّحين لتقديم عرضٍ مثيرٍ في مونزا بصرف النظر عن طريقة نهاية السباق.
موتورسبورت.كوم "برايم"
أفضل المقالات التقنية والتحليلات المميّزة من عالم المحركات على موقع "موتورسبورت.كوم" باللّغة العربية.
بالطبع فاز فيرشتابن بجائزة إيطاليا الكبرى أرض الغريمة فيراري. واصل حامل اللقب أداءه المذهل هذا الموسم، بشكلٍ مماثلٍ لمحرّك هوندا على سيارته ريد بُل الذي تمتّع بأفضليّة السرعة القصوى على حساب ريد بُل معظم الوقت. نتيجة لذلك فإنّ حلبة مونزا عالية متطلّبات الطاقة دائمًا ما كانت لتتناسب مع سيارة "آر.بي18" بالمقارنة مع فيراري.
وبشكلٍ مثيرٍ للاهتمام فإنّ ريد بُل جابهت التوقّعات عبر مقاربتها للإعدادات نهاية الأسبوع الماضي. فعوضًا عن استخدام جناحٍ خلفي نحيف لتقليص مستويات الجرّ بأقصى قدر والحصول على سرعات قصوى أعلى، اختار المهندسون تصميمًا عالي الارتكازيّة. وفي حال استغلّ فيرشتابن الارتكازيّة الإضافيّة لعبور المنعطفات المزدوجة الثلاثة بسرعة أعلى، فإنّ بوسعه تمضية وقتٍ أقلّ في المجمل على الخطوط المستقيمة، حتى مع عدم بلوغه السرعات القصوى العالية مثل فيراري.
كانت هناك سابقة في هذه الحالة. في الحقيقة سمحت استراتيجيّة مماثلة لسيباستيات فيتيل بالفوز بأسرع سباقٍ على متن السيارة "الأبطا" في 2011. ففي طريقه نحو لقبه الثاني، اختار الألماني استخدام نسبة غيار سابعٍ أقصر في مونزا للتضحية ببعض السرعة القصوى في نهاية الخطوط المستقيمة لكنّه كان يعلم أنّ بوسعه أن يكون أسرع بكثير من الجميع بالدخول إلى تلك الخطوط المستقيمة.
لكنّ ما حدث نهاية الأسبوع الماضي لم يكن نسخة تامة لما حدث قبل 11 عامًا، إذ لم يتمتّع فيرشتابن بالأفضليّة في التصفيات. كان الهولندي الأسرع في المنعطفات وبالخروج من المنعطف الأخير، لكنّ سيارة فيراري كانت أسرع في بقيّة المناطق مستغلّة توفيرها الأفضل لطاقة البطاريّة ليتفوّق شارل لوكلير بأفضليّة 0.145 ثانية. اصطفّ سائق ريد بُل في الخانة السابعة إثر ذلك نتيجة عقوبة تغيير محرّك الاحتراق الداخلي على سيارته.
وبعد تقديم لوكلير لانطلاقة قويّة في الأمام على إطارات "سوفت" مبقيًا على جورج راسل خلفه، كرّر فيرشتابن مكاسبه المثيرة في اللفّة الأولى مثلما فعل قبل أسبوعين في سبا.
شارل لوكلير، فيراري وجورج راسل، مرسيدس ودانيال ريكاردو، مكلارين وبيير غاسلي، ألفا تاوري وماكس فيرشتابن، ريد بُل ريسينغ
تصوير: صور موتورسبورت
ساعدته في ذلك انطلاقة لاندو نوريس الضعيفة، في حين لم يُقدّم فرناندو ألونسو وبيير غاسلي مقاومة كبرى. واصل فيرشتابن استغلال إطاراته "سوفت" ليتجاوز معظم المنطلقين على إطارات "ميديوم"، حيث أطاح بدانيال ريكاردو سريعًا ليُصبح ثالثًا خلف لوكلير وراسل ببداية اللفّة الثانية من عمر السباق.
تبادل لوكلير وفيرشتابن أسرع اللفّات حينها، لكنّ الفارق بدأ يسير في وجهة واحدة منذ ذلك الحين. أتقن فيرشتابن الخروج من منعطف أسكاري في اللفّة الخامسة ليقترب من راسل ويتجاوزه نحو المركز الثاني على الخطّ المستقيم الرئيسي. أصبحت الآن المعركة واضحة بين غريمَي هذا الموسم.
كان تقييم فيرشتابن للفات الأولى كالتالي: "ساعدنا ذلك كثيرًا بالطبع، كان بوسعي تجاوز معظم السيارات قبل الدخول في قطار دي آر اس. لا تعلم مطلقًا ما سيحدث قبل المنعطف الأوّل. لكن سارت الأمور على نحوٍ جيّدٍ حقًا بالنسبة لي".
واصل فيرشتابن تقليص الفارق مع لوكلير بمعدّل عُشر ثانية في اللفّة. ومن ثمّ أوقف فيتيل سيارته عند مخرج منعطف ليزمو في اللفّة الـ 12 بعد تعطّل نظام "إيرز" على سيارته. لكن بالرغم من موقع توقّفه الجيّد، فإنّ إدارة السباق لم تقتصر على الأعلام الصفراء واستخدمت نظام سيارة الأمان الافتراضيّة.
تمّ تفعيل النظام بعد تجاوز المتصدّرين لمدخل خطّ الحظائر، لذا في العبور التالي توجّه لوكلير لتغيير إطاراته. كان طاقم ريد بُل متجهّزًا لفيرشتابن كذلك، لكنّه قرّر فعل عكس ما سيفعله غريمه من فيراري. انتقل لوكلير إلى تركيبة "ميديوم"، لكنّه لم يستفد من التأثير الكامل لنظام سيارة الأمان الافتراضيّة الذي انتهى أثناء تواجده في خطّ الحظائر، لذا عاد في المركز الثالث على بُعد 18 ثانية عن فيرشتابن.
وبالنظر إلى أنّ كلّ محاكاة السباق عادت بمقترح استراتيجيّة التوقّف الوحيد، التزمت فيراري في تلك المرحلة باستراتيجيّة التوقّفين البديلة. إذ كانت مستويات تآكل إطاراتها أعلى بالمقارنة مع سيارة "آر.بي18" الثابتة أكثر. لهذا السبب أصبحت استراتيجيّة التوقّفين حتميّة.
شارل لوكلير، فيراري
تصوير: صور موتورسبورت
لكن في حين أنّ قرارات فريق فيراري كانت تحت طائلة الانتقادات في الكثير من المناسبات هذا الموسم، إلّا أنّ دفاع ماتيا بينوتو المعتاد دُعم هذه المرّة من قبل غريمه. إذ قال كريستيان هورنر مدير فريق ريد بُل أنّ الحظيرة الإيطاليّة "اتّخذت قرارًا صحيحًا" وأنّه يتفهّم سبب تخلي فيراري عن موقعها على المسار.
وبرّر بينوتو ذلك أكثر قائلًا: "بعد معرفة ما حدث، لا نزال نعتقد بأنّه كان القرار المناسب حينها. علمنا أنّ شارل يملك وتيرة جيّدة، لكنّ ماكس تمتّع بتآكل إطارات أفضل، وكان أسرع منّا".
وأضاف: "كان البقاء على استراتيجيّة التوقّف الوحيد مثله ليسمح له بالتغلّب علينا عاجلًا أم آجلًا. كانت فرصتنا الوحيدة هي تغيير الاستراتيجيّة".
ثمّ تابع: "كنّا غير محظوظين بعض الشيء لأنّ فترة سيارة الأمان الافتراضيّة انتهت ونحن لا نزال في خطّ الحظائر، لذا لم نستفد بالكامل من النظام. كما كانت ريد بُل جاهزة في خطّ الحظائر لذا قرّرت فعل عكس ما نفعله وعلى الأرجح كانت لتُجري توقّفًا لو بقينا على الحلبة".
ولتأكيد سبب حاجة فيراري للتوقّف مجدّدًا، فإنّ فيرشتابن كان رحيمًا جدًا مرّة أخرى بإطاراته. كان قادرًا على الاعتناء بها بالتزامن مع حفاظه على وتيرة جيّدة. كان بوسعه البقاء ضمن مجال نصف ثانية في اللفّة.
توقّف راسل في النهاية قبل أن تستدعي ريد بُل فيرشتابن في اللفّة الـ 25. انتقل حينها إلى تركيبة "ميديوم"، ليتقدّم لوكلير حينها إلى الصدارة بفارق 9 ثوانٍ عن غريمه. لكن كان على سائق فيراري إجراء توقّفٍ ثانٍ مع بقاء أكثر من نصف السباق.
لكنّ فيرشتابن لم يكن بانتظار ذلك، حيث بدأ برفع وتيرته وتقليص الفارق مع سائق فيراري بمعدّل 0.8 ثانية في اللفّة، ليصل إلى 5.4 ثانية عندما استجابت فيراري واستدعت لوكلير مجدّدًا مع بقاء 20 لفّة على النهاية. تمّ نقله إلى مجموعة "سوفت" جديدة ليكون على التركيبة الأسرع نظريًا ضمن فترته الأخيرة. لكنّ وتيرته لم تكن مثيرة لتلك الدرجة، كونه كان أسرع بمعدّل ثلاثة أعشارٍ من الثانية فقط بالمقارنة مع فيرشتابن، وبدا أنّ كلّ شيء قد حُسم.
ماكس فيرشتابن، ريد بُل ريسينغ وجورج راسل، مرسيدس
تصوير: صور موتورسبورت
لكنّ حدثًا قلب الوضع حينها. أُجبر ريكاردو على إيقاف سيارته إلى جانب المسار في اللفّة الـ 46. عانت سيارته من تسرّبٍ للزيت وعلق غيارها ولم يكن هناك أيّ مخرجٍ في تلك المنطقة لإبعاد السيارة سريعًا. لذا تمّ إقحام سيارة الأمان الفعليّة.
وتحسّبًا لأيّ معركة نهائيّة فقد غيّر فيرشتابن ولوكلير إطاراتهما حينها. لكنّ السيارات كانت متباعدة جدًا، وما زاد الوضع تعقيدًا كان دخول سيارة الأمان أمام راسل الثالث في ظلّ احترام ثنائيّ الصدارة لفارق الأزمنة الأدنى. وعندما تقدّم ثنائيّ الصدارة أخيرًا إلى الأمام، فقد كانت هناك سيارتان متأخّرتان بينهما.
نتيجة لذلك وفي ظلّ الكثير من الجدل، لم يتمّ التلويح بالأعلام الخضراء لمرّة أخيرة. عبر فيرشتابن خطّ النهاية ليُحرز فوزه الـ 30 في الفورمولا واحد والخامس على التوالي والـ 11 هذا الموسم، كما كان الأوّل له في مونزا.
وبحديثه عن سلسلة التأديات هذه، قال فيرشتابن: "ما نعيشه داخل الفريق كان مدهشًا. نحصل على عامٍ مدهش. ومن المهمّ الاستمتاع كذلك. أعتقد بأنّنا واجهنا الكثير من التحديات المختلفة على مختلف أنواع الحلبات وبدت السيارة رائعة على كلّ حلبة. نحن مسرورون للغاية".
عبّرت الجماهير عن خيبة أملها حيال عدم حصولها على معركة نهائيّة ناريّة، وأطلقت صافرات الاستهجان، لكنّ الفائز قال: "أنا هنا لمحاولة الفوز بالسباق، وهو ما فعلته. بالطبع لا يُقدّر البعض ذلك. لكنّ ذلك يعود إلى شغفهم بفريقٍ آخر. هكذا هو الأمر. لكنّ ذلك لن يُفسد يومي. أنا أستمتع باللحظة".
سيارة الأمان أمام جورج راسل، مرسيدس وكيفن ماغنوسن، هاس وكارلوس ساينز الإبن، فيراري
تصوير: صور موتورسبورت
كن جزءًا من مجتمع موتورسبورت
انضمّ إلى المحادثةشارك أو احفظ هذه القصّة
أبرز التعليقات
قم بالاشتراك والوصول إلى Motorsport.com باستخدام أداة حظر الإعلانات الخاصة بك.
من الفورمولا 1 إلى موتو جي بي، نقدم تقاريرنا مباشرة من حلبة السباق لأننا نحب رياضتنا، مثلك تمامًا. وللاستمرار في تقديم صحافتنا المتخصصة، يستخدم موقعنا الإعلانات. ومع ذلك، نريد أن نمنحك الفرصة للاستمتاع بموقع ويب خالٍ من الإعلانات وخالٍ من أدوات التتبع ومواصلة استخدام أداة حظر الإعلانات.