تحليل: افتقاد نيوي؟ تصميم معقّد؟ ما الذي حوّل سيارة ريد بُل إلى "وحش"

جاء اعتراف ماكس فيرستابن بأنّ ريد بُل حوّلت سيارتها في الفورمولا 1 إلى "وحش" ليُظهر مدى فداحة مشاكل الفريق.

وجاءت جائزة إيطاليا الكبرى ضعيفة الأداء للفريق النمساوي في الوقت الذي وجد فيه فيرستابن نفسه عاجزًا على الحلول في مركزٍ أفضل من السادس، حيث لم يعد يشكّ مطلقًا في أنّ لقبي السائقين والصانعين أصبحا مهدّدين.

وتكمن المشكلة الأساسيّة لسيارة "آر.بي20" في عدم توازن التحكّم فيها، وهو ما يعني معاناة فيرستابن وسيرجيو بيريز لجعل السيارة دقيقة ومتمسّكة بالمسار.

وشرح كريستيان هورنر مدير الفريق ذلك بالقول: "هناك مشكلة توازن في السيارة لا تسمح للسائقين بالالتزام عند مدخل المنعطف".

وأضاف: "حالما تُهدئ القسم الخلفي، فإنّ ذلك يضرّ بالقسم الأمامي. ومن ثمّ ينتهي بك المطاف بضعف استجابة للانعطاف، ومن ثمّ تقتل إطاراتك بتلك الطريقة".

وفي حين أنّ الفريق يعلم ما يجري، فإنّ ما لا يفهمه هو سبب كلّ ذلك، ولا كيفيّة معالجتها.

لكن إلى جانب المراجعة الدقيقة التي سيُجريها الفريق في مصنعه في ميلتون كينز هذا الأسبوع، فإنّ بعض العوامل الرئيسيّة بدأت تبرز بالفعل لشرح ما حدث.

ماكس فيرستابن، ريد بُل ريسينغ

الصورة من قبل: محتوى ريد بُل

هل حاولت ريد بُل الإفراط في الدهاء؟

كشفت ريد بُل عن سيارتها "آر.بي20" في ميلتون كينز مطلع العام وفاجأت الكثيرين حيال الخطوة الكبيرة التي أقدمت عليها منذ 2023.

فعوضًا عن الجلوس على أمجادها بعد سيطرتها المطلقة على الموسم الماضي وتحقيق اللقبين عبر تصميم تطويري، اختار الفريق الجانب المقابل تمامًا عبر اعتماد تصميم جديدٍ بالكامل على صعيدي الانسيابيّة والتبريد من أجل تقديم خطوة إضافيّة إلى الأمام على صعيد الأداء.

لكن بالنظر إلى الوراء الآن وكيف سارت الأمور على صعيد التطوير هذا الموسم، ورؤية كيفيّة لحاق مكلارين بها فقط عبر تحسين سيارتها التي لم تتغيّر كثيرًا منذ جائزة ميامي الكبرى، فإنّ مكوّنًا واحدًا يُمكن أن يتمثّل في أنّ جهودها المعقّدة للغاية لمواصلة التفوّق على المنافسين قد عادت بنتائج عكسيّة.

وقال كريستيان هورنر مدير الفريق: "أعتقد بأنّ ما نحتاج لفعله حقًا هو جعل الخارطة الانسيابيّة تعمل. لو نظرنا إلى مكلارين، فإنّها تبدو كتطوير لسيارة العام الماضي، سيارة أبسط بكثيرٍ من سيارتنا".

وأضاف: "ربّما أفرطنا في التعقيد وقد نحتاج لتبسيط بعض الأشياء".

وقد تكون ريد بُل قد بلغت حدود درب التطوير مع الجيل الحالي من السيارات، لذا فإنّ تحقيق تحسينات كبيرة لم يعد ممكنًا.

وقال في هذا الصدد: "لقد بلغنا السقف في عدّة جوانب والسيارة أصبحت منفصلة. أحيانًا تكون التضحية ببعض الارتكازيّة للحصول على توازنٍ عام أفضل مفيدة لتوليد زمن لفة أفضل، وتآكل إطارات أفضل".

ماكس فيرستابن، ريد بُل ريسينغ

الصورة من قبل: محتوى ريد بُل

هل أضرّت مغادرة نيوي بالفريق؟

جاء تقهقر ريد بُل منذ جائزة ميامي الكبرى ليتزامن مع توقيت الإعلان عن أنباء مغادرة أدريان نيوي المصمّم الأسطوري للفريق.

وجاء ذلك الإعلان عشيّة انطلاق مجريات عطلة نهاية الأسبوع، وكان ذلك السباق الأوّل الذي تُهزم فيه ريد بُل على يد مكلارين هذا الموسم.

وبالرغم من أنّ نيوي بقي مع الفريق في بعض السباقات ولن يُغادر بشكلٍ رسمي إلّا في الرُبع الأوّل من العام المقبل، فإنّه استُبعد بشكلٍ بديهي من المسائل التقنيّة للفريق.

وفي حين أنّه لم يكن المهندس الوحيد لسيارات ريد بُل الفائزة بالألقاب في المواسم الأخيرة، فإنّ نيوين قدّم مساهمات قيّمة على صعيد المفاهيم التصميميّة، أو كان قادرًا على تصحيح المسار عندما كانت الأمور لا تسير في الوجهة الصحيحة.

بالرغم من ذلك لا يعتقد هورنر أنّ مغادرة نيوي تُعدّ عاملًا أساسيًا، لأنّه يعتقد بأنّ المشاكل كانت قد بدأت حتى عندما كان لا يزال مشاركًا بقوّة في الأعمال على المسار.

وعندما سُئل إن كان نيوي ليجد مخرجًا من هذه المشاكل، قال هورنر: "لكنّه سيُواصل العمل مع ذات الأشخاص. الفورمولا 1 رياضة فريق، وهذه مشكلة فريق. وسيتوصّل الفريق إلى حلٍ".

لا شيء جديد

قد تحتاج ريد بُل للنظر إلى أكثر من مجرّد آخر تحديثاتها من أجل الحصول على فهمٍ دقيق للنقطة التي بدأت فيها الأمور بالسير على نحوٍ خاطئ.

وأشار هورنر بشكلٍ مثير إلى أنّ الطابع ضعيف التوازن قد يكون حاضرًا منذ وقتٍ طويل، لكنّه كان مخفيًا نتيجة حقيقة سيطرة السيارتين الماضيتين.

وبالنظر إلى حاجة ريد بُل لرفع أدائها على إثر التحدي الأكبر الذي فرضته مكلارين، ومرسيدس وفيراري، فقد أصبح ذلك يعني انكشاف عيوب الفريق والسيارة أكثر – مع بلوغها ذروتها الآن.

وقال في هذا الصدد: "كانت المشكلة حاضرة منذ فترة. في الحقيقة بالتدقيق في البيانات، فقد كانت هناك مشاكل هناك في بداية العام، بهذه الخصائص".

وأكمل: "أعتقد بأنّ الآخرين حقّقوا خطوة إلى الأمام بشكلٍ واضح. وقد ضغطنا على الحزمة بشكلٍ أكبر. وكشف ذلك المشكلة".

ثمّ تابع: "بالنظر إلى البيانات، فقد كانت هناك بعض السباقات العام الماضي التي بدأنا فيها بمشاهدة ذلك، مثل أوستن. أعتقد بأنّها خاصية نعلم أنّ علينا معالجتها. لذا فإنّ تركيز الفريق في المصنع ينصبّ على ذلك".

كريستيان هورنر، مدير فريق ريد بُل ريسينغ

الصورة من قبل: صور موتورسبورت

مشكلة مطابقة مع نفق الهواء

تُعدّ مشاكل المطابقة بين بيانات نفق الهواء وأرض الواقع واحدة من أبرز المشاكل التي تُواجهها فرق البطولة.

إذ أنّ السرعات التي يُسمح لهم باستخدامها في نفق الهواء وحجم النماذج لا يتناسب مع القوى التي تختبرها السيارة على الحلبة، وبالتالي فإنّ أيّ تباين في البيانات يكون من الصعب تحديد مصدره.

وقالت ريد بُل أنّها واجهت هي الأخرى مشاكل على هذا الجانب، حيث لا تظهر مشاكل التوازن التي تُعاني منها على أرض الواقع على أجهزة المحاكاة.

وقال هورنر: "أعتقد بأنّ آخر التحديثات كانت تهدف لزيادة الارتكازيّة على السيارة. كانت فصلت المقدّمة والخلفيّة. وبوسعنا رؤية ذلك".

وأردف: "لا يُظهر نفق هوائنا ذلك. يجب السيطرة على ذلك، إذ عند مواجهة هذه المشاكل فإنّ ثقتك بأدواتك تقلّ. لذا تحتاج حينها للعودة إلى بيانات المسار والخبرة السابقة".

وفي حين أنّ مكلارين تستغلّ نفق هوائها الحديث الجديد، لا تزال ريد بُل تُعوّل على منشأة بيدفورت القديمة، والتي بالرغم من تعديلها على مرّ الأعوام فإنّها ليست الأفضل في البطولة على الأرجح.

ويتمّ العمل حاليًا على منشأة جديدة في مصنع الفريق في ميلتون كينز، والتي ستُمثّل تحسّنًا، لكنّ هورنر لا يرى ذلك عذرًا لتراجع ريد بُل.