تحليل: فيراري تضيف سلاحًا جديدًا إلى ترسانتها

يعود جزء من ذلك إلى جهاز المحاكاة الجديد بالكامل الذي قام الفريق بتركيبه، والذي طوّرته شركة "دينيزما" المتمركزة في بريستون، في معقله في مارانيللو من أجل السعي وراء مكاسب أداء أكبر والحصول على دفعة مبكّرة على صعيد فهم مقاتلته لموسم 2022.

تُعدّ أجهزة المحاكاة أدوات لا يُمكن الاستغناء عنها في عالم رياضة المحرّكات المعاصر، ويعمل مطوّروها على تحسين تصاميمهم واستنساخ الظروف التي يُواجهها السائقون على الحلبة بدقّة أكبر.

أنشأ آش وارن مهندس محاكاة الفورمولا واحد شركة دينيزما في 2017، وانصبّ تركيزها على جانبَين في مشاريع المحاكاة التجاريّة: تقليص تأخّر الاستجابة، وتوسيع باقة التدفّق لضمان أنّ ردود الفعل بين جهاز المحاكاة، والسائق والمهندس تكون سريعة الاستجابة قدر الإمكان.

وقال وارن: "لديك السائق يُقدّم متطلّباته عبر المقود ولديك الدوّاسات على نموذج المركبة والذي يقوم بحساب هندسة السيارة. من ثمّ يتمّ إرجاع حركة السيارة إلى السائق من خلال مولّد الحركة والذي يُمكنهم الاستجابة له حينها عبر تصحيح متطلّباتهم على المقود وتبدأ دورة بالتكرار مجدّدًا لتصل حتّى 4000 مرّة في الثانية".

جهاز محاكاة "دينيزما دي.ام.جي-1"

تصوير: دينيزما

وتابع شرحه بالقول: "لو كان لديك تأخّرٌ ولو طفيف في تلك الدورة فحينها لن يقود السائق السيارة بطريقة حقيقيّة واقعيّة، وستكون اختبارات المحاكاة تلك غير دقيقة. لنأخذ مثلًا محاكاة انعطافٍ مفرطٍ للسيارة، لو أخّر مولّد الحركة ذلك بـ 20 أو 30 جزءًا بالألف من الثانية قبل أن يُعلم السائق بأنّ القسم الخلفي من السيارة ينزلق، فلن يكون بوسع السائق الاستجابة في الوقت المناسب وقد ينزلق".

وقال وارن أنّ أجهزة محاكاة شركته، بما فيها منتجها الأوّل "دي.ام.جي-1" تُنتج وقت استجابة بين 3 و5 أجزاء بالألف من الثانية، ويعتقد بأنّ المنتجات الأخرى لها وقت استجابة بين 20 و30 جزءًا بالألف من الثانية.

وبالرغم من أنّ الفوارق بينها تبدو ضئيلة – أمام العين البشريّة – فإنّ الاستجابة الأطول يُمكن أن تؤدّي إلى ضبابيّة أكثر في النتائج المُتحصّل عليها على جهاز المحاكاة.

وقال وارن في هذا الصدد: "من الحرِج أن تكون قادرًا على توفير أكثر المحاكاة دقّة لما يحدث حقيقة. يحتاج السائق والسيارة للعمل كواحد سواءً على الحلبة أو في جهاز المحاكاة. لو أضفت تأخّر الاستجابة إلى المعادلة فسينتهي بك المطاف بسيناريو غير واقعي".

ويُعدّ خفض ذلك التأخّر في الاستجابة في الفورمولا واحد، التي تكون فيها الفوارق في التصفيات مجرّد أجزاء ألفيّة عادة، عاملًا مهمًا لضمان شعور السائقين بأنّ جهاز المحاكاة يُوفّر استنساخًا دقيقًا لما يشعرون به على الحلبة. ويُؤدّي خفض تأخّر الاستجابة إلى قدرة السائق على الاستجابة إلى السيارة أو عكس ذلك بشكلٍ واقعي قدر الإمكان، عوضًا عن الشعور بحدوث الاستجابة بشكلٍ متأخّرٍ عن المتوقّع.

جهاز محاكاة فيراري

تصوير: فيراري

فضلًا عن ذلك فإنّ زيادة التدفّق يسمح بنقل المزيد من المعلومات من جهاز المحاكاة إلى السائق، ويسمح له بتجربة المزيد من بيئة الحلبة الدقيقة والاستنساخ الأكثر واقعيّة للمطبّات وتغيّر الارتفاع.

وقال حيال ذلك: "لو كان لديك نموذج حلبة مفصّلٌ للغاية، ربّما تمّ تجهيزه من خلال فحصٍ ليزري، أو فحص ليدار، فحينها ستكون هناك الكثير من المعلومات الدقيقة حول المطبّات والحفف".

وأضاف: "تُعاني المنصّات الأقلّ تطوّرًا والأقدم على صعيد توفير بيانات من تلك الناحية. منصّات حركتنا تملك القدرة على نقل قدرٍ أكبر من المعلومات".

وأردف: "يتمّ قياس ذلك من خلال باقة التدفّق. لبعض الأنظمة باقة بحوالي 20 هرتز، بينما لأنظمتنا باقات تتراوح بين 50 و100 هرتز بناءً على ظروف التشغيل الدقيقة. يُمكننا إنتاج ذبذبات تفوق ذلك أصلًا".

وأردف: "يُمكننا على سبيل المثال تشغيل صوت المحرّك مباشرة من مولّد الحركة وفق عدد دورات المحرّك سواءً كانت سيارة مقعد أحادي أو سيارة طرقات، ويُمكنك الشعور بذلك في الهيكل، إنّها تجربة غامرة للغاية".

وواصل شرحه بالقول: "فضلًا عن ذلك فإنّ هناك حركات عالية الذبذبة، مثلما يحدث على سيارة طرقات عندما يكون نظام آي.بي.اس مُفعّلًا، هناك تلك الاهتزازات التي تشعر بها".

أصبح كلّ ذلك ممكنًا من خلال تصميم الأذرع الذي تستخدمه دينيزما في جميع أنظمتها. وقال وارن أنّ منتجات شركته تستغلّ "الاحتكاك المنخفض للغاية، والقصور الذاتي المنخفض، ونظام مشغّلٍ عالي الصلابة" للمساعدة على توفير المحركة، وذلك على عكس المحامل الخطيّة التي تُستخدم عادة على أنظمة المحاكاة الأخرى.

ومن خلال الحدّ من الاحتكاك في هذا النظام، فإنّ جهاز المحاكاة يُصبح قريبًا أكثر من السيارة الحقيقيّة التي يسعى فيها خبراء ديناميكا المركبة إلى القضاء على تأثير الاحتكاك المفرط والحدّ منه من خلال تصميم نظام التعليق".

تتحرّك الأذرع من خلال شكل قوس تُساعده محامل دوّارة وذلك من أجل توفير الحركة الصحيحة للسائق داخل جهاز المحاكاة.

كما أنّ أنظمة دينيزما مُجهّزة بإعدادات ذات مرحلتين، الأولى تُوفّر الحركة المتجاوبة والأخرى تُنتج الحركات الأوسع للسيارة.

وقال وارن: "لدينا ما ندعوها بمنصّة الحركة عالية الذبذبات. هكذا تحصل على ردود الفعل بشكلٍ مباشرٍ قدر الإمكان لظهر السائق وجهازه الدهليزي في جسمه".

وأضاف: "لكنّنا نُلحق ذلك بما ندعوه منصّة الحركة الأوسع. أي أنّ جهاز المحاكاة هذا مثبّتٌ على جهازٍ آخر لو أردنا تبسيط الأمور، لدينا منصّة متجاوبة بشكلٍ خيالي عالي الذبذبات. هذه التوليفة من وقت الاستجابة المنخفض للغاية مع التدفّق العالي مهمّان للغاية لتطوير المركبة، من دون أن ننسى سلامة السائق وراحته".

كارلوس ساينز الإبن، فيراري

تصوير: فيراري

وأشار وارن كذلك إلى أنّ جميع تكنولوجيات دينيزما قابلة للتوسيع أو التضييق، لذا من المتوقّع أن يتضمّن جهاز محاكاة فيراري الجديد بالكامل جميع الخصائص البارزة للشركة. ومع توقّع توفير قوانين 2022 الجديدة لسيارات قادرة على توليد تحديات أكبر للسائقين، فإنّ هناك حاجة إضافيّة لترويضها.

إذ أنّ التمتّع باستجابة أفضل من جهاز المحاكاة سيُساعد جهود الثنائيّ شارل لوكلير وكارلوس ساينز الإبن ومنحهما فهمًا مباشرًا أكثر لما سيكون عليه أداء السيارة على المسار.

وكانت فيراري قد تمتّعت في الكثير من المناسبات بتحوّر درامي في أدائها خلال عطلة نهاية الأسبوع من خلال أعمال المحاكاة المتأخّرة ليلًا، لذا فإنّ تسلحها بجهاز المحاكاة الجديد من شأنه منح الفريق المزيد من الدقّة وتحقيق مكاسب كبيرة في المصنع في حال سارت تجارب الجمعة على نحوٍ سيّئ.

وسيكون ذلك حاسمًا في ظلّ مواصلة الفريق سعيه للعودة إلى واجهة البطولة. فبالرغم من أنّه على فيراري مواصلة تقديم الأداء على الحلبة، فإنّ تركيزها سيكون على استخراج الأداء من السيارة، وسيسمح جهاز المحاكاة الجديد المبتكر في معقل الفريق بتوفير سلاحٍ قيّمٍ للغاية للاستعانة به.