تحليل: أبرز النقاط من صفقة هاميلتون الجديدة مع مرسيدس

تمحورت أغلب الفترة الشتويّة حول محادثات عقد هاميلتون، لكنّها اختُتمت أخيرًا صباح الإثنين عندما أعلنت مرسيدس عن تمديد شراكتهما.

لكنّ تأكيد مواصلة بطل العالم سبع مرّات التسابق لصالح السهام الفضيّة تسبّب في إثارة الاهتمام كون العقد اقتصر على عامٍ واحد.

هل تُمثّل هذه إشارة إلى تباينٍ في المحادثات منع التوصّل إلى صفقة لمدّة أطول؟ أم أنّ تلك علامة على أنّ هاميلتون يرغب بمغادرة الفورمولا واحد بعد تحقيق لقبه الثامن القياسيّ هذا العام؟

لكنّنا سنتطرّق هنا في هذا التحليل إلى أبرز النقاط من هذا العقد بناءً على تصريحات توتو وولف مدير الفريق في محاولة لمعرفة ما يجري بالضبط.

ما هي أبرز نقاط الاختلاف التي تمّت مُواجهتها في المُحادثات؟

لويس هاميلتون، مرسيدس وتوتو وولف، الرئيس التنفيذي لفريق مرسيدس

تصوير: صور موتورسبورت

فاجأ وولف البعض خلال الفترة الشتويّة عندما أشار خلال حوارٍ مع التلفزيون النمساوي إلى وجود بعض "الاختلافات" ضمن محادثات عقد هاميلتون.

ففي ظلّ صمت الطرفين حيال مدى تقدّم المحادثات، جاءت تلك التصريحات لتُشعل فكرة وجود بعض العقبات الكبيرة التي يجب تجاوزها.

وقال النمساوي: "يعمل المحامون على ذلك. لا نُسهّل المسألة بالنسبة إليهم بالطبع عندما نتجادل معًا على منصّة ’زووم’ ونُواصل إرسال العقبات إلى المحامين. لكنّه في أمريكا الآن وأنا هنا. سننتهي من الأمر في مرحلة ما".

لكن بشرح بعض كواليس ما حدث، قال وولف أنّ المشكلة الكبرى كانت في الحقيقة صعوبة بناء زخمٍ في المحادثات كونهما لم يتواجدا في ذات الموقع.

إذ بالنظر إلى الأعوام السابقة فقد نظّم كلٌ منهما جدوله من أجل عقد اجتماعٍ بعدّة ساعات في ذات القاعة، أمّا هذه المرّة فقد كان هاميلتون في الولايات المتّحدة بينما كان وولف في النمسا، وكانت محادثات الفيديو هي الوسيلة الوحيدة.

لم يكن ذلك جزءًا من الخطّة الأصليّة عندما كان الطرفان يأملان إتمام المسألة بين سباقَي البحرين.

وقال وولف: "بالنسبة للعقبات التي قلتها فقد تمحورت حول وضع إصابته بكورونا في الوقت الذي كنّا نتوقّع فيه إجراء المحادثات مباشرة في البحرين".

وأضاف: "لذا كان الوضع أكثر تعقيدًا هذه المرّة، كوننا لم نتمكّن من رؤية بعضنا. لكن لم تكن هناك فجوات ضخمة، أو تباينٌ كبير بين رؤانا لهذا العقد الجديد".

وأكمل: "أعتقد بأنّنا أمضينا بعض الأسابيع في محادثات الفيديو كلّ بضعة أيّام. ومن الواضح أنّ المحامين يحتاجون لتضمين ذلك في العقد".

لماذا الاقتصار على عامٍ واحد؟

لويس هاميلتون، مرسيدس

تصوير: صور موتورسبورت

دائمًا ما اعتبر هاميلتون تمديد عقده بعامين مزيجًا مثاليًا من الاستقرار من دون المجازفة بالبقاء ضمن عقدٍ طويل الأمد قد لا يكون سعيدًا به.

لهذا السبب توقّع الكثيرون أن يمتدّ العقد الجديد لموسمَي 2021 و2022، وهو ما كان لينقله إلى الحقبة الجديدة من القوانين الجديدة التي ستنطلق في العام المقبل.

لذا كان من المفاجئ بعض الشيء أن يتّفق هاميلتون مرسيدس على عقدٍ بعامٍ واحد فقط، ما يترك الباب مفتوحًا أمامه لخوض محادثات محتدمة مجدّدًا في هذا الموسم.

لكن عوضًا عن وجود أيّ مؤامرة واسعة النطاق وراء ذلك، قال وولف أنّ كلّ هذه المسألة تعود إلى أمورٍ عمليّة.

وفي ظلّ تشتّت مواعيد محادثاتهما، كون وولف وهاميلتون كانا يأملان عقد المحادثات بين سباقَي البحرين العام الماضي، فإنّ المسائل الأوسع المتعلّقة بالمدى البعيد كانت تعني الحاجة للمزيد من الوقت.

وقال النمساوي: "اتّفقنا معًا على عقدٍ بعامٍ واحد. أوّلًا لأنّ هناك تغييرًا كبيرًا في القوانين لموسم 2022. كما أنّنا أردنا رؤية كيفيّة تطور العالم والشركة. وثانيًا لأنّنا تأخّرنا كثيرًا في المحادثات".

وأكمل: "أردنا تباحث العقد في نهاية الموسم بين سباقَي البحرين، ومن الواضح أنّ لويس لم يكن بخير. وبدأنا محادثاتنا في النهاية قبل فترة أعياد الميلاد بقليل".

وأردف: "لذا كان من المهمّ إتمام كلّ شيء في أقرب وقتٍ ممكن. وقرّرنا من هذا المنظور تأجيل المحادثات بشأن 2022 وما بعده إلى مرحلة لاحقة من عام 2021".

 وقال وولف أنّ الضبابيّة المتواصلة بشأن تأثير وباء كورونا على الفورمولا واحد، خاصة في ما يتعلّق بميزانيّات الفرق، كانت تعني أنّه من الصعب الإقدام على التزامات معيّنة الآن حول المدى البعيد.

لهذا السبب يشعر بأنّ محادثات تجديد العقد في الصيف المقبل في ما يتعلّق بموسم 2022 وما بعده ستكون أكثر وضوحًا، وستسمح بتوفير وقتٍ كافٍ لإجراء محادثات مناسبة.

وقال حيال ذلك: "هناك بعض الضبابيّة في العالم تؤثّر على طريقة عمل الرياضة، لذلك تأثيرٌ على عائداتنا، أعني مداخيل البثّ التلفزيوني والرعاية".

وأضاف: "تمرّ دايملر ومرسيدس بتحوّلٍ ضخم نحو وسائل التنقّل الكهربائيّة وذلك يتطلّب الكثير من الاستثمارات. لذا نحن نعيش في واقعٍ مالي مختلفٍ جدًا عمّا كان عليه قبل بضعة أعوام مضت".

وأردف: "لكن بقول ذلك لإنّنا ضمن ذات النغمة مع لويس والمجموعة الأوسع في مرسيدس حيال الوضع. لذا لم يكن هناك تباينٌ في الآراء مطلقًا".

وأكمل: "شعرنا أنّ بوسعنا التوقيع على عقد 2021 كوننا نحتاج لفعل ذلك ومن ثمّ سنجد الوقت خلال موسم 2021 – أبكر ممّا كان عليه الوضع هذه المرّة – للتباحث بشأن المستقبل".

وواصل شرحه بالقول: "ولا يقتصر ذلك على موسم 2022 خصيصًا، لكن أيضاً لما بعده. لم نرد التباحث في ذلك عبر محادثات الفيديو بين أعياد الميلاد ونهاية يناير".

هل مثّل المال نقطة عالقة؟

لويس هاميلتون، مرسيدس

تصوير: صور موتورسبورت

يكون المال نقطة لا مفرّ منها في أيّ محادثات بين سائق وفريقٍ ما، حيث يرغب النجم اللامع في الحصول على أكبر قدرٍ ممكن، بينما يُحاول الفريق خفض الإنفاق قدر المستطاع.

وفي حين أنّ تأجيل الاتّفاق على صفقة هاميلتون لموسم 2021 دفع البعض للاعتقاد في أنّ مطالبه المالية كانت عالية جدًا، قال وولف أنّ الأمور سارت على نحوٍ مختلفٍ جدًا.

ففي ظلّ شفافيّة مرسيدس بشأن الضبابيّة التي تواجهها بشأن التوقّعات الماليّة للشركة على المدى البعيد، لم يتشبّث هاميلتون كثيرًا في هذا الجانب.

وقال وولف حيال المال: "لا أعتقد بأنّ هذا كان موضوعًا صعبًا. نحترم أنّ الرياضي له فترة عطاء وعمرٌ معيّن، وتحتاج لتحسين مداخيلك قدر الإمكان خلال فترة نشاطك. لكن على الجانب الآخر يملك لويس منظورًا شاملًا لما يحدث في العالم وأدرك ذلك".

وعند الإلحاح عليه إن كان أحد جانبَي المفاوضات قد خرج بنتائج أفضل من نقطة البداية، أجاب وولف: "لن أتطرّق إلى التفاصيل، لكن دائمًا ما كنّا متناغمين حيال رغبات الطرفين".

وأضاف: "إنّه السائق الأفضل بالنسبة لي. لديه متابعة عالميّة ضخمة تفوق مجرّد عشّاق التسابق. كما فاز بسبعة ألقاب من دون ارتكاب أيّة أخطاء كبيرة، وهو يُعدّ دعامة مهمّة في نجاحات الفريق".

وأكمل: "على الجانب الآخر يُدرك لويس أنّه واحدٌ من 2000 موظّف في فريقنا، سواءً على جانبَي المحرّك والهيكل، وأنّ الأمر لا يقتصر على نجمَين لامعَين، بل نحن 2000 نجمٍ لامع. كلٌ منّا يُساهم في نجاح الفريق".

ثمّ تابع: "كما لديه المنظور الأوسع للعالم. كان عامًا صعبًا علينا شخصيًا، ومن منظورٍ صحي، وكذلك من الناحية الاقتصاديّة. لذا علم أنّه بالرغم من أنّه قدّم الأداء والنتائج من جانبه، فإنّ هناك واقعًا اقتصاديًا مهمًا يجب احترامه".

هل طالب هاميلتون بحقّ النقض إزاء هويّة زملائه؟

فالتيري بوتاس، مرسيدس ولويس هاميلتون، مرسيدس

تصوير: صور موتورسبورت

جاء تأخّر إعلان عقد هاميلتون الجديد ليتسبّب في انتشار بعض الشائعات في بعض وسائل الإعلام.

إذ إلى جانب ما تمّ تداوله بشأن متطلّباته الماديّة المشطّة، أو مطالبته بالحصول على حصّة من العائدات، أشار البعض إلى أنّ هاميلتون طلب الحصول على حقّ النقض بشأن هويّة زملائه المستقبليين.

أوردت عدّة مسائل إعلام أنّ هاميلتون لن يبقى في صفوف الفريق إلّا في حال حصل على حقّ رفض أيّ زميلٍ لا يرغب بمجاورته، حيث اعتُبر ذلك بمثابة غلق للباب أمام انضمام ماكس فيرشتابن إلى السهام الفضيّة.

لكن بحديثه أمسٍ الإثنين، زعم وولف أنّ كلّ الشائعات التي تمّ تداولها مجرّد هراء، إذ قال أنّه لم يكن هناك أيّ خطرٍ انهيارٍ للمحادثات مطلقًا.

وقال النمساوي: "لم تكن هناك لحظة اعتقدنا فيها أنّه لن يُوقّع. كما لم تكن هناك أيّ لحظة شكّ فيها هو بذلك".

وأضاف: "على صعيد البنود الخاصة التي تمّ تداولها في وسائل الإعلام، فلا أعلم مأتاها كون أيًا منها لم يكن صحيحًا".

وأكمل: "قرأتها في الحقيقة، واعتبرتها مثيرة للاهتمام، لكن الحقيقة هي أنّنا لم نتطرّق في أيّ لحظة من محادثاتنا إلى أيّ بندٍ متعلّقٍ بالسائقين. لم يطلب ذلك مطلقًا طوال الأعوام الثمانية الماضية، وذلك قرارٌ تابعٌ للفريق".

وأردف: "أمّا البند الآخر المتعلّق بحصّة في العائدات، فقد برز ذلك من العدم. لم يكن لتلك الشائعة أيّ أساسٍ من الصحّة. لم يكن أيٌ من تلك المواضيع جزءًا من محادثاتنا".

كم كانت مؤسّسة التنوّع العرقي مهمّة في المحادثات؟

لويس هاميلتون، مرسيدس

تصوير: صور موتورسبورت

من بين النقاط الأساسيّة في إعلان الإثنين هي اتّفاق هاميلتون ومرسيدس على إنشاء مؤسّسة مشتركة لدعم التنوّع العرقي في عالم رياضة المحرّكات.

وقال وولف في هذا الصدد: "فكرة المؤسّسة جاءت من قبل أولا كالينيوس (المدير التنفيذي لمرسيدس) عندما تحدّثنا أنا ولويس وهو".

وأضاف: "كان لويس متحمّسًا حيال الفكرة. سنديرها بشكلٍ مشترك وذلك يُظهر أيضاً أنّ هناك شراكة وعلاقة لما بعد 2021 على المدى البعيد".

وأكمل: "مثلما قلت سابقًا، فإنّنا استثمرنا قدرًا كبيرًا من ملايين اليوروهات في المؤسّسة، وذلك التزامٌ حقيقيٌ من جانبنا من أجل أن يكون هناك تأثير".

وبالفعل مثلما أشار هاميلتون، فإنّ خطّة إنشاء مؤسّسة تفتح الباب أمام علاقة طويلة الأمد بين مرسيدس وهاميلتون، وذلك عوض اعتبارها مسألة قصيرة الأمد.

وقال: "إنّه استثمار بعدّة ملايين في المؤسّسة التي سنديرها معًا".

وأضاف: "شعرنا بأنّها كانت مسألة مهمّة جدًا للتعامل معها. نحن نشطون للغاية بالفعل في ذلك المجال كمرسيدس، ونحتاج لتحديد المشاريع المخصّصة معًا. ولن يحدث ذلك بين عشيّة وضحاها".

هل يرغب هاميلتون في البقاء في الفورمولا واحد بعد 2021؟

لويس هاميلتون، مرسيدس

تصوير: صور موتورسبورت

بالطبع يترك عقد العام الواحد الباب مفتوحًا أمام هاميلتون لمغادرة الفورمولا واحد في حال قرّر أنّه لا يريد المواصلة.

ولا يُمكن لمرسيدس استبعاد ذلك الاحتمال كونها لا تتحكّم في القرارات التي يتّخذها هاميلتون. لكن في ظلّ الأداء الجيّد لفالتيري بوتاس، وعدم ارتباط جورج راسل بأيّ عقدٍ نهاية العام الجاري، فإنّ لدى السهام الفضيّة خيارات شبه جاهزة في حال قرّر هاميلتون الاعتزال.

وقال وولف أنّ القرار النهائيّ سيكون بيد هاميلتون، لكنّ مرسيدس ستمنحه الأولويّة في ما يتعلّق بتحديد تشكيلتها لموسم 2022.

وقال بخصوص ذلك: "يحتاج لويس لأن يُقرّر مستقبله. لهذا السبب لا أريد التعليق على موقع لويس".

وأضاف: "على الجانب الآخر فإنّ الفريق يحتاج لأن يتّخذ قرارات طويلة الأمد حيال سائقيه. يحصل فالتيري ولويس على التزامنا الكامل ووفائنا لموسم 2021. سندعمهما بكلّ ما لدينا. ومن ثمّ سننظر إلى ما بعد العام الجاري وسندرس ما ستكون عليه تشكيلتنا لموسم 2022 وما بعده".

وأكمل: "محادثاتنا الأولى ستكون مع فالتيري ولويس، وذلك احترامنا لقيمنا المتعلّقة بالوفاء والنزاهة. لكن على الجانب الآخر فإنّ السائقين اليافعين هم المستقبل، لذا نحتاج لتحديد الموقع الذي نريد التواجد فيه للأعوام التالية.

متى ستنطلق محادثات عقد 2022؟

لويس هاميلتون، مرسيدس

تصوير: صور فيا

تبيّن أنّ تأثير فيروس كورونا على هاميلتون ووولف كان عاملًا حاسمًا في تمديد المحادثات لفترة طويلة أكثر ممّا كان يُحبّذ الطرفان.

أراد الطرفان خوض محادثة طويلة في البحرين والتطرّق لجميع المسائق ومن ثمّ التوجّه إلى العطلة الشتويّة باتّفاق مبدئيّ جاهز. لكنّ الظروف منعت حدوث ذلك.

وفي حين أنّ الفريق لم يضع بعد جدولًا زمنيًا لإتمام اتّفاق 2022، عبّر وولف عن ثقته في أنّ المسألة لن تستمرّ لفترة طويلة مثلما حدث هذا العام.

وقال بخصوص ذلك: "بالتأكيد سيكون ذلك في موعدٍ أبكر من صفقة 2021. من الصعب دائمًا إيجاد بعض الوقت أثناء التسابق، لكنّنا تعلّمنا الدرس بشأن إمكانيّة بروز عوامل خارجيّة يُمكنها تأجيل المحادثات".

وأكمل: "لا نريد أن ينتهي بنا المطاف في يناير مجدّدًا. سنبدأ المحادثات بشأن 2022 في مرحلة أبكر بكثير".