مقابلة خاصة مع ناصر العطية: «هبوب الرّيح..."البرق" ناصر»

اجتمع الصحافي فراس النمري بالسائق العنّابي في قطر إذ تطرقت المقابلة إلى العديد من المحاور، حيث سيجلس العطية خلف مقود سيارة "فولكسفاغن بولو آر5" في بطولة الشرق الأوسط للراليات التي ستنطلق بعد فترة قصيرة في الدوحة، وغيرها من الأمور التي هي حديث الساعة...لن نُطيل عليكم وإليكم ما دار بينهما من حوار.

- "أبا شعيل"، بالبداية لم نتمكن من تهنئتك بالشكل اللائق بعد تتويجك بلقب رالي داكار في إنجاز يحسب لك للمرة الثالثة في مسيرتك بعد ظفرك بنسختَي 2011 و2015 ، إذ لاحظنا بأنك كُنت تمتلك أفضلية في الرالي منذ بدايته وحتى نهايته، حيث كنت مُسيطرًا طوال الوقت وبكل أريحية على زمام الأمور.

الحمد لله، البداية كانت من خلال انكبابنا على تطوير السيارة مُنذ 2018، وذلك بعد إنهائنا داكار 2018 في المركز الثاني. لقد عملنا بجدٍّ عليها بهدف تحسينها وجعلها أفضل من جميع النواحي، وتعرضنا خلال مشاركاتنا اللاحقة لسلسلة من الانسحابات وأخضعنا السيارة لتعديلات خلال الموسم، وكانت آخر مرحلة في رالي طريق الحرير "سيلكواي" حيث واجهنا بعض المشاكل.

- لقد تحدثت مع الفريق وطلبت منهم تحسين السيارة، لنقل بأنك "هددتهم"!

لقد كان ذلك في محله، واستمر العمل لغاية رالي المغرب، حيث لم نُواجه أية أخطاء أو مشاكل وكان "كل شي زين".

- كانت لديك ثقة بالفريق؟

أدرك بأن لدى السيارة والفريق القدرات، لكنّ الموارد قليلة، كما أن الميزانية ليست كبيرة.

- ألا تدعم شركة تويوتا الفريق؟

لا، تدعمه بمُساهمة بسيطة، وهو ليس فريقًا رسميًا بالمعنى الحقيقي للكلمة.

- ليس فريقًا مصنعيًا؟

كلا، ليس فريقًا مصنعيًا؛ سيكون الوضع مختلفًا لو كان ذلك، من ناحية وجود المزيد من المهندسين والمصممين والميكانيكيين والإدارة وما إلى ذلك، كل شيء سيكون مختلفًا. مما يساعدنا في تطوير السيارة.

- لكنّ ما حققته من إنجازات مع تويوتا لم تكن لتحلم به في تاريخها، حققتَ فوزاً تاريخيًا لهم، فُزتَ في أهم وأصعب رالي صحراوي على مستوى العالم، لم يكونوا ليحرزوا الفوز به في وضعهم هذا!

نعم، وهذه شهادة من اليابان [حيث أشاد رئيس شركة تويوتا بإنجاز العطية وفريق غازو للسباقات بعد فوزهم بلقب داكار 2019].

- ألم يدفعهم هذا لدعم الفريق أكثر؟

لقد أبديتُ رأيي لهم، وإذا كان هناك مجال لأي تعاون رسمي بالكامل فسأبقى معهم، إذا لم يتحقق شيء – وهذا أمر يعود لهم في نهاية المطاف – سأتخذ ما يناسبني.

- هل ستُراجع الخيارات المطروحة أمامك؟

أكيد، سأراجعها، وأرى، لقد فُزت ثلاث مرات في داكار، وإنجازاتي تتحدث عني.

- ومع 3 سيارات مُختلفة أيضاً!

نعم.

- وكان من المُمكن أن تفوز أكثر لولا السياسات التي تتبعها الفرق..

نعم، وكما تعرف رالي داكار يحتاج لفريق وطاقم قوي، وإن شاء الله نتمكن من تحقيق المزيد.

- هل ساعدتكَ مسألة إقامة رالي داكار هذا العام في البيرو حيث الطبيعة تغلب عليها التضاريس الرملية والكُثبان، وهي التي تتناسب مع قيادتك؟

نعم، أحب المسارات الرملية، لكن كما قلتُ لكَ، وصلنا بالسيارة إلى مرحلة من التطوير بتّ راضيًا عنها، وخدمتنا السيارة، وخاصةً مع الإطارات التي استخدمناها "بي. أف. غوودريتش" وهذا تطوير ساعدنا مقارنةً بالعام الماضي. أنا جدًا سعيد بالفوز في داكار لأول مرة في تاريخ تويوتا.

- إنجاز باسمك.

أكيد.

- ووجوده في البيرو لعب لمصلحتك من ناحية المسارات الرملية؟

من المؤكد بأن المسارات الرملية ساعدتني، ونأمل تكرار الأمر في السنوات المُقبلة، خصوصًا بعد أن يأتي رالي داكار إلى المنطقة العربية، وسمعنا بأن النسخة المقبلة ستُنظَّم في المملكة العربية السعودية، ومن المؤكَّد أن المسارات الرملية في الصحارى العربية ستساعدني أيضاً.

إذا كان هناك مجال لأي تعاون رسمي بالكامل مع تويوتا فسأبقى معهم، إذا لم يتحقق شيء – وهذا أمر يعود لهم في نهاية المطاف – سأتخذ ما يناسبني

العطية

- بالعودة لداكار في السعودية، وهنالك احتمال أن يُقام العام المقبل فيها، لم تُؤكَّد الأخبار رسميًا، لكنهم يضعون اللمسات الأخيرة، والكثير من وسائل الإعلام والإعلاميين يتحدثون عن ذلك، ويبدو بأن فرصة إقامته في المملكة العربية السعودية كبيرة، من ناحيتي أعتقد بأن المكان الصحيح لداكار هو الصحارى العربية سواء في إفريقيا أو شبه الجزيرة العربية.

- ما رأيك بذلك، بقُدوم داكار إلى المملكة، خصوصًا وأنك عربي من المنطقة العربية؟

سأكون أول شخص يُسَّر بسماع مثل هذا الخبر رسميًا، بأنّ رالي داكار سيُقام في المملكة العربية السعودية، وهذا حلم، لقد كانت بدايته في إفريقيا وذهبنا إلى أمريكا الجنوبية وأصبحنا أبطالاً في هذا الحدث الكبير والقوي، فسنكون سعيدين بقدومه لمنطقته، وهو حدث كبير، واليوم من الجميل أن نسمع بأن رالي داكار سيأتي للسعودية.

- لا مشكلة لديك مع وجود الخلافات السياسية المُؤسفة؟

إطلاقًا، لا مشكلة، هذا رالي ورياضة، ونحن رياضيون.

- لكن بعض تصريحاتك تزعج البعض!

لا أصرّح تصريحات مزعجة، ولو صرحتُ بمثل هذه التصريحات فإنها كانت في مكانها.

- أنت قطري، والناس ينظرون لك في نهاية المطاف على أنك مثال يحتذى به من كل العرب!

هنالك أشخاص يسيؤون فهم التصريحات ويفسرونها بالخطأ، ولقد صرحت في يومٍ من الأيام بأنه لا يشرفنا أن يكون عندنا أصدقاء يشتمون أمهاتنا أو حكومتنا، هؤلاء ليسوا محسوبين على الدول، بل مجرد مُستأجَرين للإساءة. هذا هو المقصد.

- أُسيء فهمك ..

هذه تعود لهم، أساؤوا الفهم أو خلاف ذلك، هذا أمر آخر. كما تعلم، ذهب المنتخب القطري لكرة القدم إلى بطولة كأس آسيا في أبو ظبي وربحنا اللقب، وهذه رياضة، قد أذهب إلى تحدي أبو ظبي الصحراوي، وليست لدي مشكلة في ذلك.

- والآن لدينا سائقون سعوديون مشاركون في رالي قطر الصحراوي.

نعم، وهو كذلك، مع يزيد الراجحي وياسر سعيدان وغيرهم من الشباب السعوديين، ومرحبًا بهم، وعندما نذهب إلى السعودية أو أبو ظبي سنذهب كرياضيين.

لا أصرّح تصريحات مزعجة، ولو صرحتُ بمثل هذه التصريحات فإنها كانت في مكانها

العطية

- السؤال عن بطولة الشرق الأوسط للراليات، التي ستنطلق بعد فترة بسيطة من رالي قطر الدولي، وأعلنت بأنك ستشارك في سيارة فولكسفاغن بولو "آر 5"، لماذا اخترت سيارة فولكسفاغن بالذات؟

أولًا لأن حكومة قطر تمتلك نسبة حصة جيدة في أسهم فولكسفاغن، وعلى إثر ذلك أبرمت قطر اتفاقية مع القسم الرياضي "فولكسفاغن موتورسبورت" كي يخصصوا سيارة لي، وكما تعرف الطلب على سيارات الراليات من فئة "آر 5" صعب، حيث يتوَّجب أن تطلب السيارة وتنتظر شهورًا لتستلمها، وتوجَّب أن تتدخل حكومة قطر لكي نحصل على السيارة، وحصلنا عليها. وكما تعلم سينطلق موسم 2019 من بطولة الشرق الأوسط للراليات من قطر.

- هل سيدير كين سكيدمور (اوتو تيك) الفريق؟

نعم، مع كين، وبالتعاون مع فولكسفاغن.

- هل هذا لأنه لا يمكنه التعامل مع السيارة الجديدة لوحده؟

نعم، سيرسل القسم الرياضي في فولكسفاغن فريقًا إضافيًا من الميكانيكيين والمهندسين، بينما سيتولى كين مسؤولية التنسيق والأمور الإدارية.

- لكن في الفترة الأخيرة كانت إنجازاتك في سيارة فورد، ولم يحالفك الحظ عندما تركتها لفترة..

نعم، ذهبنا إلى سكودا وفزنا بالبُطولة معهم.

- كما شاركت على متن سيارة بيجو أيضاً..

نعم، في 2011 أو 2012، لا بد أن يغيِّر السائق السيارة بين فترة وأخرى، التغيير مطلوب.

- سمعنا بأن هناك احتمالية لأن تشارك مع فريق تومي ماكينن في بطولة العالم للراليات مع سيارة تويوتا ياريس، ما حقيقة ذلك؟

نعم، كان ذلك في العام الماضي، أبرمت اتفاقية بيني وبين تومي ماكينن وتويوتا، حيث كنت أريد المشاركة في ثلاثة أو أربعة راليات، وجاء التأكيد على ذلك، ولكن كانت هناك مشكلة من شركة تويوتا، وهي وجود ثلاثة أو أربعة أقسام، لذا عندما وصل الموضوع عند آخر قسم قالوا "لماذا لم يدفع ناصر هذا المبلغ؟" كانت المسألة تخصّ سعر الجناح الأمامي للسيارة، قال لهم تومي بأن هذا الجناح لا نستخدمه ويعود للموسم الماضي ولم يعد له ضرورة وسيُتلف عاجلًا أم آجلًا، وسعره 35 يورو، لا أكثر.

- توقفت المسألة برمتها على 35 يورو، وأنت حققت لهم بطولة العالم للراليات الصحراوية في 2017، والفوز بداكار 2019 ورفعت من شأنهم؟

نعم، لذلك لم يعجبني الموضوع، قلتُ لهم "انتهى الأمر" لا أريد التسابق معكم، ما دام التفكير بهذه الطريقة فلا أريد التعامل معكم، ودعوني أركِّز على الراليات الصحراوية الطويلة "كروس كانتري" وبطولة الشرق الأوسط للراليات، والآن قدموا لي عرضًا بعد داكار بأن أقود مع فريقهم في رالي أو راليين. لنكن واقعيين، لقد أصبح عمري 47 سنة، ولستُ سائقًا يافعًا، أريد الاستمتاع بالراليات الصحراوية وراليات الشرق الأوسط. وعندما تتأكد مسألة إقامة رالي داكار في السعودية سيكون التفكير مختلفًا، الآن أفكر وأدرس موضوع إنشاء فريق خاص "ناصر للسباقات". فريق رسمي متواجد.

- متى ذلك؟

سأبدأ به هذا العام!

- من سيدعمك؟ الحكومة أم شركات؟

من الحكومة القطرية.

الآن أفكر وأدرس موضوع إنشاء فريق خاص "ناصر للسباقات". فريق رسمي متواجد

العطية

- كيف هي علاقتك بالاتحاد القطري للسيارات والدراجات النارية، سمعنا تصريحات قوية لك عن الاتحاد حيث قلتَ لهم "ارحلوا" وما إلى ذلك؟

بكل أمانة، لو لم أقل لهم هذه الكلمة لما كنت رأيتهم يستأجرون سيارات رالي مناسبة للسائقين القطريين، من بعد تصريحي هذا قاموا بدعم الشباب، ليس لدى السائقين المقدرة على شراء أو استئجار سيارات تسابق لوحدهم، اليوم لدينا المقدرة وأنا تدعمني الحكومة ولم تقصَّر معي، وأريد أن يحصل السائقون القطريون الشباب على فرصة مناسبة.

- تقصد بأن تصريحك يندرج في خانة تحريك المياه الراكدة؟

نعم، توعية الناس، لأقول لك بصراحة، رئيس الاتحاد والأعضاء، ليسوا رياضيين في رياضة السيارات، هم مجتهدون، حتى أمام رئيس الاتحاد أقول له عليك الاجتهاد لأنه ليس لديك الخلفية الرياضية كسائق أو ملّاح، لم تقد من قبل سيارة رالي.

- حتى في رياضة السيارات، الكثير من المدراء الناجحين لم يكونوا سائقين، وكذا الأمر في كرة القدم، قد تجد المدرب ناجحًا لكنه كان لاعبًا سيئًا في السابق، أو حتى أنه لم يمارس الرياضة على الإطلاق!

حسنًا، قد لا يكونوا ناجحين على صعيد الرياضة كلاعبين أو سائقين، لكنهم كانوا مساعدين، لم يأتِ أحد ليتولى الشؤون الإدارية لرياضة السيارات إلا وقد كان سائقًا أوملّاحًا، وهم من أنجح الناس في قيادة الرياضة.

- تقصد على سبيل المثال لا الحصر الفرنسي جان تود [رئيس الاتحاد الدولي للسيارات "فيا" وقد كان سابقًا ملّاحًا في الراليات] والبريطاني دايفيد ريتشاردز أيضاً [مؤسس ورئيس فريق "برودرايف"]؟

نعم، هؤلاء كانوا ملّاحين.

- نعود لملّاحك، الفرنسي ماثيو بوميل، أطلقت عليه ذات مرة لقب "3 في 1"، لأننا نرى عادةً ملّاحًا مختلفًا في كل بطولة، بينما هو يعمل معك  في الراليات (العامية والشرق أوسطية) والكروس كانتري، ومن الصعب أن تحصل على ملّاح متكامل هكذا!

سُبحان الله، توفقت معه وبه.

- وكذا الأمر معه..

لقد كان ملّاحًا ليزيد الراجحي، ولم يحققا الكثير من النجاحات، وقبلها عمل مساعدًا وملّاحًا للعديد من السائقين، ولم يحقق معهم نجاحات. وشهادتي به مجروحة، لقد شاركنا في العديد من الراليات الإقليمية والدولية، وقد ساعدنا هذا في العمل مع بعض، وهو مجتهد ويركِّز دائمًا على عمله، قبل قليل قلت له تعال لتناول الغداء، قال لي ليس لدي وقت، سآكل وجبة خفيفة، وأذهب لإكمال عملي، لإنهاء دفتر ملاحظات الطريق. للأسف، من النادر أن تجد مثل هذا الالتزام لدى معظم الملّاحين.

حتى أمام رئيس الاتحاد أقول له عليك الاجتهاد لأنه ليس لديك الخلفية الرياضية كسائق أو ملّاح، لم تقد من قبل سيارة رالي

العطية

- ألا تريد المشاركة في بطولة العالم للراليات "دبليو آر سي"؟

أريد، ولكن لا توجد ميزانية.

- ماذا عن رالي لبنان الدولي، هل سيبقى مثل "العقدة" في مشوار بطولاتك؟

سنحاول الفوز به هذا العام إن شاء الله.

- شكرًا لك، ونتمنى لك التوفيق، وإلى لقاء آخر إن شاء الله.

أجرى المقابلة: فراس النمري